الأحد، 27 فبراير 2022

تابع كتاب إعراب القران للحافظ السيوطي { من (الحادي والسبعون) باب ما جاء في التنزيل وقد حذف منه ياء النسب حتي أو الي التاسع والثمانون باب ما جاء في التنزيل من ألفاظ استعملت استعمال القسم وأجيبت بجواب}




   
  (الحادي والسبعون) باب ما جاء في التنزيل وقد حذف منه ياء النسب     

فمن ذلك قوله تعالى: " ولو نزلناه على بعض الأعجمين " وجمع أعجمى مثل أشعرى حذف منه ياء النسب في الجمع وليس جمع أعجم لأن أعجم مثل أحمر ولا يقال في أحمر: أحمرون.

ومثله:

" سلام على آل ياسين " هو جمع الياس مثل: أشعرين في جمع: أشعرى.

ومنه قراءة من قرأ: " فاسأل العادين " بالتخفيف جمع: عاد لكن أبدل من حرف التضعيف ياء مثل: تظنيت في: تظننت وكأنه أبدل في عد و عددت: عديت و عدا=

الثاني والسبعون باب ما جاء في التنزيل وقد أبدل المستثنى من المستثنى منه

فمن ذلك قوله تعالى: " ما فعلوه إلا قليلٌ منهم " رفعوا " قليلا " بالبدل من الواو في " فعلوه " إلا ابن عامر.

ومن ذلك قوله: " ولا يلتفت منكم أحدٌ إلا امرأتك ".

رفعه ابن كثير وأبو عمرو على البدل من ومن ذلك قوله: " ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم " رفعوا " أنفسهم " عن آخرهم على البدل من " شهداء ".

ومنه قوله: " ومن يغفر الذنوب إلا الله " ف " من " مبتدأ استفهام بمعنى النفي وفي " يغفر " ضمير يعود إلى " من " وقوله " إلا الله " رفع بدل من الضمير في " يغفر " وكأنه قال: ما أحد يغفر الذنوب إلا الله.

فثبت أن نظر شارحكم الجليل في هذا الباب ساقط حيث قال: " من " مبتدأ وقوله " إلا الله " خبره.

ومثله: " ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ".

رفع بدل من الضمير في " يرغب ".

فالاختيار في هذه الأشياء إذا كان بعد النفي أن يكون بدلا مما قبله عند سيبويه وغيره.

وقال قوم: إذا لم يجز في الاستثناء لفظ الإيجاب لم يجز البدل فيقولون: ما أتاني إلا زيد على البدل لأنه يجوز: أتاني القوم إلا زيدا ولا يقولون: ما أتاني أحد إلا زيد لأنه لا يجوز: أتاني أحد.

قال أبو سعيد: ولأنه قد أحاط العلم: إنا إذا قلنا: ما أتاني أحد فقد دخل فيه القوم وغيرهم فإنما ذكر بعض ما اشتمل عليه أحدهما يستثنى بعضه.

وقد احتج عليهم سيبويه ببعض ما ذكرناه بأن قال: كان ينبغي إن قال ذلك أن يقول: ما أتاني أحد إلا وقد قال ذاك إلا زيدا والصواب في ذلك نصب زيد و ما أتاني أحد إلا قد قال ذاك إلا زيدا لأنك لما قلت: ما أتاني أحد إلا قد قال ذاك صار الكلام موجبا لما استثنى من المنفي فكأنه قال: كلهم قالوا ذاك فاستثنى زيدا من شيء موجب في الحكم فنصب وإنما ذكر هذا لأنه ألزم القائل بما ذكر من جواز: ما أتاني أحد إلا زيد ومنع: ما أتاني القوم إلا زيد فإن قال: إن كان يوجب النصب لأن الذي قيل إلا جمع فقد قال الله تعالى: " ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم " بعد الجمع وإن كان جواز الرفع والبدل لأن الذي قبل إلا واحد فينبغي أن يجيزوا الرفع في قولهم: ما أتاني إلا أحد إلا قد قال ذاك إلا زيد فالواجب فيه النصب وإنما ألجأهم سيبويه إلا أن يقولوا: الذي يوجب البدل أن يكون ما قبل إلا نفيا فقط جمعا كان أو واحدا.

قال أبو علي: الوجه في قولهم ما أتاني أحد إلا زيد الرفع وهو الأكثر الأشيع في الاستعمال والأقيس فقوته من جهة القياس أن معنى: ما أتاني أحد إلا زيدا وما أتاني إلا زيد واحد فكما اتفقوا على: ما أتاني إلا زيد إلا الرفع وكان: ما أتاني أحد إلا زيد بمنزلته وبمعناه اختاروا الرفع مع ذكر أحد وأجروا ذلك على: يذر ويدع في أن يذر لما كان في معنى يدع ومما يقوى ذلك أنهم يقولون: ما جاءني إلا امرأة فيذكرون حملاً على المعنى ولا يؤنثون ذلك فيما زعم أبو الحسن إلا في الشعر قال: ترى البحر والآجال يأتى عروضها فما بقيت إلا الضلوع الجراشع فكما أجروه على المعنى في هذا الوضع فلم يلحقوا الفعل علامة التأنيث كذلك أجروه عليه في نحو: ما جاءني أحد إلا زيد فرفعوا الاسم الواقع بعد حرف الاستثناء وأما من نصب فقال: ما جاءني أحد إلا زيدا فإنه جعل النفي بمنزلة الإيجاب من حيث اجتمعا في أن كل واحدٍ منهما كلام تام.==

الثالث والسبعون باب ما جاء في التنزيل وأنت تظنه فعلت الضرب في معنى ضربته

وذلك لقلة تأملك في هذه الصناعة فمن ذلك قوله تعالى: " ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم ".

إذا فسرت " ما " ب ما النافية توجه عليك أن تقول: لا يعذبكم الله إن شكرتم وآمنتم.

وقوله: لا يعذبكم الله أفصح من قوله: ما يفعل الله بعذابكم.

ومن ذلك قوله تعالى: " والذين هم للزكاة فاعلون " فيقال: لك: هلا قال: والذين هم للمال مزكون لأن زكيت المال أفصح من فعلت زكاة المال ولا يعلم هذا الطاعن أن معنى قوله: " والذين هم للزكاة فاعلون ".

الذين هم عاملون لأجل الطهارة والإسلام ويطهرون أنفسهم كما قال: " قد أفلح من زكاها " فليس هذا من زكاة المال في شيء أو يعنى: قد أفلح من زكاها أي: من المعاصي والفجور.

ومن ذلك قوله: " ودع أذاهم وتوكل على الله " قال: معناه: لا تؤذهم وهو أفصح من: دع أذاهم إلا أنهم قالوا: معناه: دع الخوف من أذاهم.

ومن ذلك: " وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل " المعنى: من يفعل المذكور منكم لأن قبله " تلقون إليهم بالمودة " ولو لم يفسره بما ذكرنا كان: من يفعل الإلقاء بالمودة فيقال: لو قال ومن يلق المودة منكم كان أفصح.

فهذه أربع آيات حضرتنا الآن.==

الرابع والسبعون باب ما جاء في التنزيل مما يتخرج

فمن ذلك قوله تعالى: " ذرية بعضها من بعضٍ ".

فسروه مرةً ب فعيلة من الذر و فعلولة منه أيضا من: ذرأ الله الخلق.

ومن ذلك قوله تعالى: " كوكب دري ".

قال أبو علي: من قال: درى كان فعيلا من الدرء الذي هو الدفع وإن خففت الهمزة من هذا قلت: درى.

وحكى سيبويه عن أبي الخطاب: كوكب درى في الصفات ومن الأسماء: المريق للعصفر.

ومن ذلك: جبريل وميكائيل وإسرائيل.

قال أبو علي: روينا عن أبي الحسن من طريق أبي عبد الله اليزيدي عن عمه عنه أنه قال: في جبريل خمس لغات: جبرايل وجبرئيل وجبرال وجبريل وجبرين وهذه أسماء معربة فإذا أتى بها على ما في أبنية العرب مثله كان أذهب في باب التعريب يقوى ذلك تغييرهم للحروف المفردة التي ليست من حروفهم لتغييرهم الحرف الذي بين الهاء والباء في قلبهم إياه إلى الباء المحضة أو الفاء المحضة كقولهم: البرند والفرند وكذلك تحريكهم الحركة التي ليست من كلامهم كالحركة التي في قول العجم: زور وأشوب يحصلونها ضمة فكما غيروا الحرف والحركات إلى ما في كلامهم فكذلك القياس في أبنية هذه الكلم إلا أنهم قد تركوا أشياء من العجمة على أبنية العجم التي ليست من أبنية العرب كالآجر والإبريسم والفرند وليس في كلامهم على هذه الأبنية فكذلك قول من قال: جبريل إذا كسر الجيم كان على لفظ قنديل و برطيل وإذا فتحها فليس لهذا البناء مثل في كلامهم فيكون هذا من باب: الآجر والفرند ونحو ذلك من المعرب الذي لم يجىء له مثل في كلامهم فكلا المذهبين حسن لاستعمال العرب لهما جميعا وإن كان الموافق لأبنيتهم أذهب في باب التعريب وكذلك القول في: ميكال وميكايل بزنة: سرداح وقنطار و ميكايل خارج عن أبنية كلام العرب.

فأما القول في زنة ميطل فلا يخلو من أن يكون فيعالا أو مفعالا ولا يجوز أن يكون فيعالا لأن هذا بناء يختص به المصدر: كالقيتال والحيقال وليس هذا الاسم بمصدر ولا يجوز أن يكون فعالا فيكون من أ كل أو وكل لأن الهمزة المحذوفة من ميكايل محتسب بها في البناء فإذا ثبت لك ذلك صارت الكلمة من الأربعة وباب الأربعة لا تلحقها الزيادة في أوائلها إلا الأسماء الجارية على أفعالها وليس هذا على ذلك الحد فإذا لم يكن كذلك ثبت أن الميم أصل كما كانت الهمزة في إبراهيم ونحوه أصلا ليس بزيادة.

ولا يجوز أيضا أن يكون فعالا لأن الهمزة المحذوفة من البناء مقدرة فيه نظير ذلك في حذف الهمزة والاعتداد بها مع الحذف في البناء قولهم: سواية إنما هي سوائية كالكراهية وكذلك الهمزة المحذوفة من أشياء على قول أبي الحسن مقدرة في البناء فكذلك الهمزة في ميكائيل.

فإن قلت: فلم لا تجعلها بمنزلة التي في حطايط و جرايض فإن ذلك لا يجوز لأن الدلالة لم تقم على زيادتها كما قلت في قولهم: جرواض فهو ذا بمنزلة التي في برائل وكذلك جبريل الهمزة التي تحذف منها ينبغي أن يقدر حذفها للتخفيف وحذفها للتخفيف لا يوجب إسقاطها من أصل البناء كما لم يجز إسقاطها في سوايه من أصل البناء.

فإذا كان كذلك كانت الكلمة من بنات الخمسة وهذا التقدير يقوى قول من قرأ جبرئل و ميكائيل بالهمزة لأنه يقول: إن الذي قرأ جبريل وإن كان في اللفظ مثل برطيل فتلك الهمزة عنده مقدرة وإذا كانت مقدرة في المعنى فهي مثل مائبت في اللفظ وأما اسرافيل فالهمزة فيه أصل لأن الكلمة من بنات الأربعة كما كانت الميم من ميكايل كذلك ف إسرافيل من الخمسة كما كان جبريل كذلك والقول في همزة اسرايل و اسماعيل و ابراهيم مثل القول في همزة اسرافيل فإنها من نفس الكلمة والكلمة من بنات الخمسة وقد جاء في أشعارهم الأمران ما هو على لفظ التعريب وما هو خارج عن ذلك قال: عبدوا الصليب وكذبوا بمحمدٍ وبجبرئيل وكذبوا ميكالا وقال: وجبريلٌ رسول الله فينا وروح القدس ليس له كفاء وقال: شهدنا فما تلقى لنا من كتيبةٍ يد الدهر إلا جبرئيل أمامها ويوم بدرٍ لقيناكم لنا مدد فيه لذا النصر ميكالٌ وجبريل فأما ما روى عن أبي عمرو أنه كان يخفف جبريل وميكال ويهمز اسرائيل فما أراه إلا لقلة مجىء اسرال وكثرة مجىء جبريل وميكال في كلامهم والقياس فيهما واحد وقد جاء في شعر أمية: إسرال قال: لا أرى من يعيشنى في حياتي غير نفسي إلا بنو إسرال قال: إن ايل و آل اسم الله وأضيف ما قبلهما إليهما كما يقال: عبد الله وهذا ليس بمستقيم من وجهين: أحدهما: أن ايل و ال لا يعرفان في اسم الله سبحانه وتعالى في اللغة العربية.

والآخر: أنه لو كان كذلك لم ينصرف آخر الاسم في وجوه العربية ولكان الآخر مجرورا كما أن آخر عبد الله كذلك ولو كان مضافا لوقع التعريب عليه على حد ما وقع في غيره من الأسماء المضاف إليها.

ومما يلحق بهذا الباب زكريا من قوله عز وجل: " وكفلها زكريا ".

فالقول في همزته أنها لا تخلو من أن تكون للتأنيث أو للإلحاق به ولا يجوز أن تكون منقلبة ولا يجوز أن تكون للإلحاق لأنه ليس في الأصول شيء على وزنه فيكون هذا ملحقا به ولا يجوز أن تكون منقلبة لأن الانقلاب لا يخلو من أن يكون من نفس الحرف أو من الإلحاق فلا يجوز أن يكون من نفس الحرف لأن الياء والواو لا يكونان أصلا فيما كان على أربعة أحرف ولا يجوز أن تكون منقلبة من حرف الإلحاق لأنه ليس في الأصول شيء على وزنه يكون هذا ملحقا به فإذا بطل هذا ثبت أنه للتأنيث وكذلك القول فيمن قصر وقال: زكريا ونظير القصر والمد في هذا الاسم قولهم: الهيجا والهيجاء قال لبيد: إذا كانت الهيجاء وانشقت العصا فحسبك والضحاك سيفٌ مهند لما أعربت الكلمة وافقت العربية وقد حذفوا ألف التأنيث من الكلمة فقالوا: يمشى الجيض والجيضى فعلى هذا قالوا: زكريا وزكرى فمن قال: زكرى صرف والقول فيه أنه حذف الياءين اللتين كانتا في زكريا وألحق الكلمة ياء النسب يدلك على ذلك صرف الاسم ولو كانت الياء في زكرى الياءين اللتين كانتا في زكريا لوجب ألا ينصرف الاسم للعجمة والتعريف كما أن ابراهيم ونحوه من الأعجمية لا ينصرف وانصراف الاسم يدل على أن الياءين للنسب.

فانصرف الاسم وإن كان لو لم يلحقه الياء لم ينصرف للعجمة والتعريف يدلك على ذلك أن ما كان على وزن مفاعل لا ينصرف فإذا لحقته ياء النسب انصرف كقولك: مدائنى ومغافرى.

وقد جرت تاء التأنيث فقالوا: صياقل فلم يصرفوا وألحقوا التاء فقالوا: صياقلة فاتفق تاء التأنيث وياء النسب في هذا كما اتفقا في: رومى وروم وشعيرة وشعير ولحقت الاسم يا آان وإن لم يكن فيه معنى نسب إلى شيء كما لم يكن في: كرسى وقمرى وثمانى معنى نسب إلى شيء.

وهذا نظير لحاق التأنيث ما لم يكن فيه معنى تأنيث كعرفة وطلحة ونحو ذلك.

ويدل على أن الياءين في زكرى ليستا اللتين كانتا في زكريا أن ياءى النسب لا تلحقان قبل ألف التأنيث وإن كانتا قد لحقتا قبل التاء في بصرية لأن التاء بمنزلة اسم مضموم إلى اسم والألف ليست كذلك ألا ترى أنك تيسر عليها الاسم والتاء ليست كذلك.

ذكره الفارس في الحجة.

ومن ذلك قراءة من قرأ: " ألا إنهم يثنون صدورهم " على يفعوعل " صدورهم " بالرفع.

بمعنى: تنطوى صدورهم انطواء.

وروى أيضا بالياء يثنونى من اثنونى مثل احلونى كررت العين للمبالغة.

ومنه: " اخشوشنوا " من قول عمر.

وروى عن ابن عباس " ليثنون " بلام التأكيد في خبر إن وأراد تثنونى على ما مضى لكنه حذف الياء تخفيفا.

" وصدورهم " كذلك رفع.

وروى عن ابن عباس أيضا " يثنون " ووزنه يفعوعل من الثن وهو ما يبس وهش من العشب وتكرير العين فيه أيضا للمبالغة و " صدورهم " رفع.

فاعل بالفعل والمعنى: لأن قلوبهم انقادت لهم للاستخفاء من الله تعالى.

وروى أيضا يثنئن بالهمزة مثل يطمئن و صدورهم كذلك رفع.

وهو من باب: وشاح وإشاح ووسادةٍ وإسادة.

وقد قيل: إن يثنئن يفعئل من الثن المقدم مثل يحمار ويصفار.

فحركت الألف لالتقائهما بالكسر فانقلبت همزة.

وروى: إلا أنهم يثنون صدورهم من أثنى يثنى إذا وجده منطويا على العداوة من باب أحمدته أي وجدته محمودا.

ومن ذلك ام جاء في التنزيل من قوله في نحو قوله: " إياك نعبد وإياك نستعين " وقوله: " وإياي فارهبون " وقوله: " وإياي فاتقون " وقوله: " ضل من تدعون إلا إياه " وقوله: " فإياي فاعبدون ".

كل مفسر على قول أبي إسحاق لأن إياك عنده مظهر وهو مضاف إلى الكاف وعلى قول غيره هو مضمر فإذا كان مضمرا لم يحكم بوزنه ولا اشتقاقه ولا تصرفه فأما إذا كان مظهرا وسمى به على قول من قال هو مضمر فيحتمل ثلاثة أضرب: أحدهما: أن يكون من لفظ: آويت.

والآخر: أن يكون من لفظ الآية.

والآخر: أن يكون من تركيب أو و وهو من قول الشاعر: فيمن رواه هكذا.

فأو على هذا بمنزلة: قو زيدا وهو من مضاعف الواو ولا يكون فأو كقولك: سو زيدا وأو عمرا و: حو حبلا فإن ذهب إلى أن أيا من لفظ أويت احتمل ثلاثة أمثلة: أحدها: أن يكون أفعل.

والثاني: فعيلا وفعولا.

والأخيرة: فعلى.

أما أفعل فأصله: إيؤى فقلبت الياء التي هي لامٌ ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها فصارت إأوا قلبت الهمزة الأولى.

التي هي فاء الفعل ياء لسكونها وانكسار الهمزة قبلها فصارت: ايوا فلما اجتمعت الياء والواو وسبقت الياء بالسكون قلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء فصارت: إيا.

فإن قلت: ألست تعلم أن الياء قبل الواو في إيوا ليست بأصلٍ وإنما هي بدل من الهمزة التي هي ياء الفعل فهلا لم تقلب لها الواو ياء إذ كانت غير أصل وبدلا من همزة كما يقول في الأمر من: أوى يأوى: إيو يا رجل ولا تقلب الواو ياء وإن كانت قبلها ياء لأن تلك الياء أصلها الهمزة فالجواب: أن هذا إنما يفعل في الفعل لا في الاسم وذلك أن الفعل لا يستقر على حال واحدة ولا الهمزة المكسورة في أوله بلازمة وإنما هي ثابتة ما ابتدأت فإذا وصلت سقطت البتة ألا تراك تقول: أيو و: أو وإن شئت فأو كما قال: " فأووا إلى الكهف " وليس كذلك الاسم لأنه إن كانت في أوله كسرة أو ضمة أو فتحة ثبت على كل حال وذلك قولك: " إياك نعبد " وضربت القوم إلا إياك فالهمزة ثابتة مكسورة في الوصل والوقف ألا ترى أنهم قالوا في مثل أحوى من أويت: أيا فأصله: أأوا فقلبت الهمزة الثانية لاجتماع الهمزتين ياء فصارت ايوا وقلبت الواو ياء لوقوع الياء الساكنة المبدلة من الهمزة قبلها فصار أيى فلما اجتمعت ثلاث ياءات على هذه الصفة حذفت الأخيرة تخفيفا كما حذفت من تصغير أحوى في قولك: أحى وكذلك قالوا في مثل أويةٍ من أويت: أياه وأصله: أوية فقلبت الهمزة الثانية ياء وأبدلت لها الواو ياء وأدغمت الأولى في الثانية وقلبت الياء الأخيرة ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصارت أياه فهذا حكم الأسماء لأنها غير منقلبة والأفعال لا تثبت على طريقة واحدة فليس التغيير فيها بثابت.

وأما كونه فعيلا من وزن عرتل و طريم و عذيم فأصله على هذا: أويى ففصلت ياء فعيل بين الواو والياء كما فصلت في المثال بين العين واللام فلما سكنت الواو وانكسر ما قبلها قلبت ياء وأدغمت في ياء فعيل فصارت: أيى ثم قلبت الياء الأخيرة التي هي لامٌ ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصارت: أيا.

وأما كونه فعولا فأصله: إووى فقلبت الواو الأولى ياء التي هي عين لسكونها وانكسار الهمزة قبلها ثم قلبت الواو الزائدة بعدها ياء لوقوع الياء ساكنة قبلها وأدغمت الأولى في الثانية وقلبت الياء التي هي لامٌ ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها فصارت إيا كما ترى فلم تصح الواوان لأنهما لستا عينين.

وأما كونه فعلى فأصله إويا فقلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها ولوقوع الياء بعدها أيضا ثم أدغمت في الياء بعدها فصارت إيا.

فإن سميت به رجلا وهو أفعل لم ينصرف معرفة وانصرف نكرة وحاله فيه حال إشفى وإن سميت به رجلا وهو فعلى فالوجه أن يجعل ألفه للتأنيث بمنزلة ألف ذكرى و ذفرى فإذا كان كذلك لم ينصرف معرفة ولا نكرة وإن ذهبت إلى أن ألفه للإلحاق وألحقته ب تجرع وأجريتها مجرى ألف مغزى لم تصرفه معرفة وصرفته نكرة وجرى حينئذٍ مجرى ألف حبنطى و دلنطى و سرندى.

وأما إذا جعلت أيا من لفظ الآية فيحتمل أن يكون على واحدٍ من خمسة أمثلة وهي: أفعل لم يبق هذا الدهر من آيائه غير أثافيه وأرمدائه فظهور الياء عينا في آياته يدل على ما ذكرناه من كون العين من آية ياء وذلك أن وزن آيا: افعال ولو كانت العين واوا لقالوا: أواية إذ لا مانع من ظهور الواو في هذا الموضع فإذا ثبت وبغيره مما يطول ذكره كون العين من آية ياء ثم جعلت ايا افعلا.

فأوصله: اآئى فقلبت الهمزة الثانية التي هي فاء ياءً لاجتماع الهمزتين وانكسار الأولى منهما ثم أدغمتهما في الياء التي هي عين بعدها فصارت: أي ثم قلبت الياء التي هي لام في آيةٍ و آى ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصارت: أيا ولم يسغ الاعتراض الذي وقع قديما في إدغام الياء المبدلة من الهمزة التي هي: فاء في افعل من اويت إذ صار لفظها إلى أيوى لأن العين هناك واو فاحتجت إلى قلبها ياء لوقوع الياء المبدلة من الهمزة قبلها والانتصار هناك لذاك.

وأما إذا جعلتها من الآيه والعين في الأصل ياء ثم وقعت قبلها الياء المبدلة من الهمزة التي هي فاء فلما اجتمع المثلان وسكن الأول منهما أدغم في الثاني بلا نظرٍ فقلبت إيا وجرى ذلك مجرى قوله عز اسمه " هم أحسن أثاثاً ورئيا " فيمن لم يهمز وجعله فعلا من رأيت وأصله على هذا رئيا.

قال: وحدثنا أبو علي: أن القراءة فيه على ثلاثة أوجه: رئيا وريا وزيا بالزاي.

وإذا جعلته فعلا مثل ألق و قنب فالياء المشددة هي العين المشددة وأصله: آيى والياء المبدلة ألفا أخرى هي لام الفعل فهي منقلبة من الياء التي هي لام اية فقلبت الياء الأخيرة لما ذكرت لك.

وإذا جعلته فعيلا مثل: عزيم و حذيم فالياء الثانية في إيا هي ياء فعيل والياء الأولى هي عين فعيل.

وإذا جعلته فعولا فأصله إيوى وهو بوزن خروع و جردل فيمن كسر الجيم فلما اجتمعت الياء والواو وسبقت الياء بالسكون قلبت الواو ياء وأدغمت الياء التي هي عين فعول في الياء التي أبدلت من واوه وقلبت الياء التي هي لامٌ ألفا لما ذكرنا فصارت ألفا.

فإذا جعلته فعلى فالياء الأولى في إيا هي العين والثانية هي اللام والألف ألف فعلى ويجوز أن تكون للتأنيث ويجوز أن تكون للإلحاق على ما تقدم والوجه في هذه الألفات أن تكون للتأنيث لأنها كذلك أكثر ما جاءت.

فأما إذا كان من لفظ فأولذ كراها فأصله على ما يثبت لك من تركيب أوو فإنه يحتمل أربعة أمثلة أحدها: افعل والآخر: فعيل والآخر: فعول والآخر: فعلى.

فإذا جعلته افعل. فأصله اأوو فقلبت همزته الثانية التي هي فاء افعل ياء لانكسار الهمزة قبلها فصار في التقدير ايوو ثم قلبت الواو الأولى التي هي عين افعل ياء لوقوع الياء الساكنة قبلها على ما تقدم فصار في التقدير: ايو ثم قلبت الواو ياء لأنها وقعت رابعة كما قلبت في أغزيت و أعطيت فصار في التقدير: إيى.

ثم قلبت الياء الأخيرة ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار إيا كما ترى.

وإذا جعلته فعيلا فأصله حينئذ او يو فقلبت الواو الأولى التي هي عين الفعل: ياء لسكونها وانكسار ما قبلها ولأنها أيضا ساكنة قبل الإدغام ثم أدغمت تلك الياء في ياء فعيل فصارت ايو ثم قلبت الواو ياء لأنها واقعة طرفا ثم قلبت تلك الياء ألفا على ما عمل في المثال الذي قبلها فصارت إيا.

وإذا كان فعولا فأصله إوو فقلبت الواو الأولى ياء لسكونها وانكسار ما قبلها وقلبت الواو بعدها لوقوع الياء ساكنة قبلها وأدغمت الأولى ثم قلبت الواو الأخيرة ياء ثم ألفا على ما قدمنا.

وإذا كانت فعلى فأصلها اووى فقلبت الواو الأولى ثم الثانية ثم أدغمت الأولى فيها على ما بيناه آنقا.

ولا يجوز أن يكون إيا إذا جعلتها من لفظ اوو فعلا.

ويجوز فيه وجه ثالث وهو أن يكون فعولا قلبت عينه للكسرة ثم واوه لوقوع الياء قبلها ولا يجوز أن يكون ايا فعللا مضعف اللام بمنزلة ضريب لأن ذلك لم يأت في شيء من الكلام وإن شئت جوزت ذلك فيه وقلت: إنهما ليستا عينين فتلزما وتصحا.

ولا يجوز أن يكون إيا من لفظ اآة على أن يجعلهما فعيلا.

منها ولا افعلا لأنه كان يلزمك أن تهمز آخر الكلمة لأنه لام فتقول إياء.

ولم يسمع فيه همزة البتة ولا سمع أيضا مخففا بين بين ولكن يجوز فيه على وجه غريب أن يكون فعلى من لفظ وأيت ويكون أصله على هذا وييا فهمزت واوه لانكسارها كما همزت في اساوة و إشاح ونحو ذلك فصارت إييا ثم أبدلت الهمزة ياء لانكسار الهمزة الأولى قبلها ثم أدغمت الياء المنقلبة عن الهمزة ياء لانكسار الهمزة الأولى قبلها ثم أدغمت الياء المنقلبة عن الهمزة في الياء التي هي لام وأيت فصارت إيا.

ومن ذلك قوله تعالى: " وأنزل التوراة والإنجيل " " إنا أنزلنا التوراة فيها هدىً ونور ".

وزن التوراة عندنا فوعلة من: ورى الزند يرى وأصله وورية.

فأبدل من الواو تاء كتخمة وتراث وتولج وأنت تقوم.

وقيل: أصله: توراه تفعلة فقلب كما قيل في جارية: جاراة وفي ناصية: ناصاة.

و إنجيل إفعيل من النجل وهو الأصل إذ هو أصل العلوم والحكم.==

(الخامس والسبعون) باب ما جاء في التنزيل من القلب والإبدال

فمن ذلك قوله تعالى: " نغفر لكم خطاياكم " وقوله: " أو الحوايا ".

ف " خطايا " عند الخليل فعالى مقلوب من فعايل قدمت اللام على الهمزة فصار خطا أى ثم أبدلت من الكسرة فتحة ومن الياء ألف فصار: خطآ فلما كثرت الأمثال أبدلت الهمزة ياء فصار خطايا وهكذا الحوايا أصله حوايى ثم حوايا.

ومن ذلك قوله: " على شفا جرف هارٍ ".

أصلها هاير فصار هار مثل: قاض ومثله: شاك السلاح ولاث وأنشد: لاثٍ به الأشاء والعبرى ومن ذلك قوله تعالى: " لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم " ف " أشياء " أصله: شيئاء على وزن فعلاء.

يدل على الكثرة كالطرفاء والحلفاء قلبت لامه إلى أوله فصار لفعاء.

هذا مذهب الخليل.

وقال الأخفش: أصله أشيياء على وزن أفعلاء فحذفت لام الفعل.

قال الفراء: وزنه أفعال وقد ذكرت وجه كل قول في الخلاف.

ومن ذلك قوله تعالى: " كلتا الجنتين آتت أكلها " التاء بدل من الواو التي هي لام في " كلا " كما قلنا في " التوراة " و " التراث " من قوله: " وتأكلون التراث أكلاً لما ".

وقيل: هي بدل من التاء.

إنهم اختلفوا في لام كلا قال الجرمى: التاء زائدة في كلتا ووزنه فعتل وليس في الكلام فعتل وكذلك التاء في بيتٍ و أختٍ من قوله تعالى: " وله أخ أو أخت " بدل من الواو لقولك: أخوان وإخوان فأما البنت فيجوز أن يكون من الواو ويجوز أن يكون من الياء.

ومن ذلك قوله تعالى: " وإذا الرسل أقتت " أصله وقتت لأنه من الوقت أي: جمعت لوقتها.

ومنه: " فطفق مسحاً بالسوق " فيمن همز.

وقوله: " فاستوى على سوقه ".

همز الواو لمجاورة الضمة كما همزها إذا انضمت ولهذا قرأ من قرأ: " وكشفت عن ساقيها " بالهمز كما اعتاد الهمز في السوق.

ومنه قوله: " قل هو الله أحد " الهمزة بدل من الواو في وحد لأنه من الوحدة==

السادس والسبعون باب ما جاء في التنزيل من إذا الزمانية

واعلم أن إذا الزمانية اسم في نحو قوله تعالى: " فإذا نفخ في الصور " " فإذا نقر في الناقور " و " أئذا متنا وكنا تراباً " لأنها نقيضة إذ.

وقد ثبت بالدليل كون إذ اسما في نحو قوله: " بعد إذ أنتم مسلمون ".

والعرب تحمل النقيض على النقيض كقوله: وقبل غدٍ يا لهف نفسي على غدٍ إذا راح أصحابي ولست برائح فأبدله من غدٍ والحرف لا يبدل من الاسم فثبت أنه اسم وإذا كان اسما كان اسما للوقت.

فينضاف إلى ما بعده وإذا كان مضافا إلى ما بعده كان العامل فيه جوابه إذا كان فعلا فإن لم يكن فعلا قدر تقدير الفعل كقوله: " فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم " والتقدير: فإذا نفخ في الصور تنافروا وتجادلوا.

وهكذا كل ما كان بهذه المنزلة.

فأما قوله: " أئذا كنا تراباً أئنا لفي خلق جديد " وأخواتها فقد قدمنا القول فيه.

وقال أبو إسحاق في قوله تعالى: " إذا مزقتم كل ممزق " العامل في إذا قوله: " مزقتم " ويجريه مجرى أى في الجزاء نحو: أيا تضرب أضرب ومتى تأتنا آتك لأن إذا يجئ بمعنى: متى.

قال: وفي التنزيل: " حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت ".

أي: متى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وهذا يقوي قول أبي زيد ومحمد: إن الرجل إذا قال: إذا لم أطلقك فأنت طالق ثم سكت طلقت في الحال لأن إذا ها هنا ك متى كأنه قال: متى لم أطلقك فأنت طالق وفي متى إذا سكت طلقت.

ووجدنا لهذا القول حجة في الكتاب وهو غيلان بن حريث: إذا رأتني سقطت أبصارها دأب بكارٍ شايحت بكارها ألا ترى أنه لا يريد أن هذا يقع منها مرة واحدة في وقت مخصوص لأن ذلك ينتقص حال المدح وإنما يقول: كلما رأتني سقطت أبصارها ألا تراه يقول بعده: دأب بكار شايحت بكارها و الدأب لا يستعمل إلا في التكرير دون الإفراد قال: كأن لها برحل القوم دوًّا وما إن طبها إلا الدؤوب وقال: دأبت إلى أن ينبت الظل بعدما تقاصر حتى كاد في الآل يمصح وأما قول الهذلي: هزبر عراض الساعدين إذا رمى بقرحته صدر الكمى المسربل تدخل: تدهش.

غيره: يدخل في الدخل.

فإنه يسأل عن جواب إذا رمى وليس في البيت ما يكون جوابا ولا قبله فعل يكون بدلا من الجواب ودالا عليه وفي ذلك جوابان: أحدهما أنه أجرى الصفة مجرى الفعل لما فيها من معنى الفعلية كقولك: مررت برجل شجاع إذا لقى وكريم إذا سئل أي: إذا سئل كرم وإذا لقى شجع.

وقد تقدم نحو هذا فتدل الصفة على الجواب دلالة الفعل عليه فكذلك هذا كأنه قال: يعظم في العين إذا رمى بقرحته أي: بجبهته صدر الكمى لأن هزبرا كأنه من لفظ أزبر وهو من معناه وكأن الهاء وإن كانت هناك أصلا زائدة وليست معتدة من هاء هجرعٍ و هبلع لم يبعد أن يعتقد أيضا زيادة هاء هزبر و هبرقى.

وأما عراض فصفة من عرض وأمرها واضح.

فهذا جواب.

والآخر وهو أغمض: وهو أن يكون قوله في البيت الثاني: متى ما يضعك الليث تحت لبانه بدلاً من قوله " إذا رمى بقرحته صدر الكمى " وإذا كان بدلا منه كان قوله " تكن ثعلبا " جوابا للثاني بدلا من الأول فصار جواب الثاني جوابا لهما جميعا فيجرى حينئذ مجرى قولهم: متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا تجد حطباً جزلاً ونارا تأججا في البدل وإن كان حرف الشرط قد أعيد في بيت الهذلى ولم يعد في قوله " تلمم بنا ".

فإن متى ما يضعك الليث تحت لبانه على قوله: " إذا رمى بقرحته صدر الكمى " فالفائدة في ذلك أنه إذا قال: رمى صدر الكمى فإنما ذكر جنس الكماة إطلاقاً من غير تقيد وإذا قال: متى ما يضعك الليث تحت لبانه فقد خاطبه بذلك وخصه به وقصره عليه.

وفي القول الأول إنما كان يخص المخاطب منه قدر ما يصيبه في جملة الجماعة الذين هو واحد منهم وفي الثاني من القصد له والتوجه إليه ما قدمناه وكان ذلك أبلغ وأفخم وأشد إرهابا وتعظيما.

واعلم أن إذا في هذا البيت على هذا التأويل الثاني ينبغي أن تكون متعلقة بنفس رمى ومنصوبة الموضع به وليست مضافة إليه بل هو في موضع جزم بها كما يجزم بالشرط الصريح كما أن يضع في البيت الثاني مجزوم ب متى وهي منصوبة الموضع ب يضع نفسها من غير خلاف فهو إذاً في الضرورة كقوله: ترفع لي خندف والله يرفع لي ناراً إذا أخمدت نيرانهم تقد فإن قيل: فما الذي دعا إلى اعتقاد هذه الضرورة والدخول تحتها وهلا حملت إذا على بابها من كونها مضافة إلى الفعل كقوله تعالى: " إذا جاء نصر الله والفتح " وقوله: " إذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه " وقول كعب: وإذا ما تشاء تبعث منها آخر الليل ناشطا مذعوراً ألا ترى أصحابنا يعتقدون أن الفعل بعد إذا هذه في موضع اسم مجرور ولذلك رفعوه أعنى لوقوعه موقع الاسم.

فالجواب: أنا إنما ركبنا هذه الضرورة في اللفظ محافظة على صحة المعنى وذلك إن إذا هذه واجبة ألا تراهم يقولون: آتيك إذا حمر البسر ولا يجيزون آتيك أن احمر البسر لأن احمرار البسر واقع لا محالة و إن مشكوك في فعلها يجوز وقوعه ولا يجب و متى كان في ذلك ليست بواجبة الفعل ألا ترى إلى قول طرفة: متى تأتنا نصبحك كأساً روية وإن كنت عنها غانياً فاغن وازدد أي: فاثبت على حال غناك.

وإذا كانت متى لم يحسن أن تجعلها بدلا من إذا لأن إذا معروفة مقصورة على موضع وواجبة و متى شائعة غير واجبة فلو أبدلت متى من إذا وهي على ما هي عليه من كونها واجبة مضافة كنت قد أبدلت الأعم من الأخص فكما لا يجوز: ضربت رأس زيد زيدا على أن تبدل زيدا من رأسه لما في ذلك من التراجع عن الخصوص إلى العموم كذلك لا يحسن أن تبدل متى من إذا و إذا على معتاد حالها من كونها خالصة واجبة فإذا لم يجز ذلك عدلت بها إلى إخلاصها واطراحها وإمحاضها شرطا البتة فإذا حصلت له شاعت شيوع جميع حروف الشرط وإذا شاعت فارقت موضعها من الإضافة وخلصت شرطا أن يحكم على موضع الفعل بعدها بالجزم في المعنى وإن لم يظهر ذلك إلى اللفظ وإذا كان كذلك حملت إذا في بيت الهذلى على أنها الجازمة في الضرورة لما عليك في ترك ذلك من إبدال الأعم من الأخص وقد علمت ما يقوله أصحابنا في بيت الكتاب: اعتاد قلبك من سلمى عوائده وهاج أهواءك المكنونة الطلل ربع قواء أذاع المعصرات به وكل حيران سارٍ ماؤه خضل من أن قول ربع خبر مبتدأ مضمر أي: هو ربع ولم يكن بدلا من طلل لما ذكرنا.

وأبو حنيفة يجعل إذا بمنزلة إن فيقول: إنما يقع الطلاق في قوله: " إذا لم أطلقك عند الموت " كما لو قال: " إن لم أطلقك " وله قوله: وإذا تصبك خصاصة فتجمل وأما قوله تعالى: " إذا وقعت الواقعة " إلى قوله: " إذا رجت الأرض رجًّا " فقاس عثمان هذا على قوله: إذا راح أصحابي وزعم أن إذا الأولى مبتدأ والثانية في موضع الخبر وكنا قديما ذكرنا أن العامل فيه قوله " خافضة رافعة " على تقدير: فهي خافضة رافعة أي: إذا وقعت خفضت قوما ورفعت قوما وأجزنا فيه أن يعمل فيه " ليس لوقعتها كاذبة " وأن يعمل فيه اذكر وأن يكون جوابه " فأصحاب الميمنة ".

وأما قوله تعالى: " فإذا نقر في الناقور فذلك يومئذٍ يومٌ عسير " فالعامل فيه مدلول الكلام أي: عسر ذلك اليوم يومئذ أو ذلك النقر يومئذ.

وأما قوله تعالى: " فإذا هي شاخصةٌ أبصار الذين كفروا " فقد ذكرناه في باب التقديم والتأخير.

وكذا: " أئذا ما مت لسوف أخرج حيًّا ".

وأما قوله: " إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى " فقد تضع العرب إذا موضع إذ و إذ موضع إذا قال الله تعالى: " إذ الأغلال في أعناقهم " و إذ لما مضى وإنما هذا حديث عما يكون في القيامة إلا أنه لما حكى الحال قال إذ حتى كأن المخاطبين بهذا حضور للحال وفي هذا ضرب من تصديق الخبر أي: كان الأمر حاضرا لا شك وواقع لا ارتياب به.

وحكاية الحالين الماضية والآتية كثير في القرآن والشعر: منه قوله تعالى: " هذا من شيعته وهذا من عدوه " فقال: هذا وهذا ولم يقل: أحدهما كذا والآخر كذا.

وكذا قول البريق الهذلي: ونائحة صوتها رائع بعثت إذا ارتفع المرزم فقوله: بعثت إذا ارتفع المرزم أي: كنت موصوفا بأنني أبعثها إذا ارتفع المرزم.

وكذلك قول الشاعر: جارية في رمضان الماضي تقطع الحديث بالإيماض فأما قول كثير: فإذا وذلك ليس إلا حينه وإذا مضى شيء كأن لم يفعل حمل أبو الحسن هذا على الواو الزائدة حتى كأنه قال: فإذا ذلك وليس إلا حينه وأنشد هذا البيت نفسه وأنشد معه بيتا آخر وهو قول الشاعر: وقال محمد بن يزيد: إن البصريين لا يرون زيادة الواو وقد كان في الواجب أن يستثنى أبا الحسن.

وأعلم أن إذا ها هنا هي المكانية التي للمفاجأة ولا بد لها من ناصب تتعلق به والناصب ما دل عليه قوله: " ليس إلا حينه " وكأنه قال: فإذا ذلك ذاهب مختلس فينصب و إذا بمعنى: ذاهب ومختلس كما أن قوله سبحانه: " فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذٍ ولا يتساءلون " كذلك ويجوز أن تنصب إذا في البيت وتعلقها بمحذوف هو خبر ذلك وتقديره: فإذا ذلك هالك كقولك: في الدار زيد جالس فإذا فعلت هذا جاز لك في قوله " ليس إلا حينه " الأمران: أحدهما: أن تجعله في موضع الحال فكأنه قال: وإذا ذلك فانيا أو ذاهبا كقولك: خرجت فإذا زيد واقفا.

والآخر: أن تجعله خبرا آخر فإذا فعلت ذلك علقت إذا بمجموع الخبرين لا بأحدهما كما أنك إذا قلت: شرابك اليوم حلو حامض علقت اليوم بمعنى مجموع الخبرين فجرى ذلك مجرى قولك: شرابك اليوم من أي من في هذا اليوم.

وأما قولهم: نظرت فإذا زيد بالباب ف إذا في موضع الرفع خبر زيد و بالباب خبر ثان.

وقال بعضهم: إذا ها هنا حرف ليس باسم واحتج بأنه ناب عن الفاء في جواب الشرط وأغنى غناه فيكون حرفا كالفاء والدليل على ذا قوله تعالى: " وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون ".

المعنى: قنطوا ولا يلزم أن الحرف لا يركب مع الاسم فيكون كلاما ولو قلت: فإذا زيد كان كلاما فثبت أنه اسم لأنا نقول: فإذا زيد ليس بكلام لأن تمامه محذوف أي: إذا زيد بالحضرة أو في الوجود فلا يكون صحيحا إلا بتقدير الخبر قلنا: إنه اسم لأنها كلمة تركبت مع الاسم ليس فيها علامات الحرف فوجب أن يكون اسما قياسا على قولنا: زيد قائم وهذا لأن التركيب إنما يكون منه كلام إذا كان اسما مع اسم أو فعلا مع اسم فأما الحرف مع الاسم فليس بكلام إلا في النداء وهذا ليس بنداء ولا إذا فعلا فوجب أن يكون اسما في موضع الرفع خبر المبتدأ ولهذا المعنى قلنا في قولهم: كيف زيد: إن كيف اسم لما أفاد مع زيد ولو كان حرفا لم يفد فثبت أنه اسم.

وما ذكره من أن الخبر محذوف قلنا: لا حاجة إلى حذف الخبر فيما ذكرناه فإذا قلت: فإذا زيد قائم ف زيد مبتدأ و إذا خبره و قائم كذلك.

وإن شئت نصبت قائما على الحال من الضمير الذي في إذا فيمن رفع زيدا بالابتداء أو حالا من زيد فيمن رفعه بالظرف.

وأما قوله: إذا أنا لم أطعن إذا الخيل كرت قال عثمان: إذا و إذا في البيت ففيهما نظر وذلك أن كل واحدة منهما محتاجة إلى ناصب هو جوابها على شرط إذا الزمانية وكل واحدة منهما فجوابها محذوف يدل عليه ما قبلها وشرح ذلك أن إذا الأولى جوابها محذوف حتى كأنه قال: إذا أنا لم أطعن وجب طرحى للرمح عن عاتقى أو ساعدي على اختلاف الروايتين في عاتقى و ساعدى فدل قوله: علام تقول الرمح تثقل ساعدى على ما أراده من وجوب طرح الرمح إذا لم يطعن به كما قال: فما تصنع بالسيف إذا لم تك قتالا ونحو قولك: أشكرك إذا أعطيتني وأزورك إذا أكرمتني أي: إذا أعطيتني شكرتك وإذا أكرمتني زرتك وقولك: أنت ظالم إن فعلت أي: إن فعلت ظلمت ودل أنت ظالم على ظلمت وهذا باب واضح وما ناب عن جوابهما في موضع جواب إذا الثانية أي: نائب عنه ودال عليه تلخيصه: أنه كأنه قال: إذا الخيل كرت وجب إلقائي الرمح مع تركى الطعن به.

ومثله: أزورك إذا أكرمتني إذا لم يمنعني من ذاك مانع.

وأما قوله تعالى: " وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا " الفاء الأولى تكون جواب إذا لأن إذا في اقتضائه الخبر بمنزلة إن وقوله " فادفعوا " جواب إن.

ومثل ذلك قوله تعالى: " فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوفٌ عليهم " في أن الجزاء وشرطه جواب الشرط.

وقوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض " جاز وقوع إذا ها هنا لأن " الذين " في موقع يصلح لوقوع الجزاء فيه ألا ترى أن الفاء يدخل في جوابه وكأنه قال: كالذين يقولون.

وقال في موضع آخر: معنى إذا: متى كأنه: متى ضربوا في الأرض أي: هذا دأبهم كلما خرجوا ضاربين في الأرض قالوا هذا الكلام.

وقال في قوله: " إذا فشلتم " بمعنى متى وجوابه: " ثم صرفكم " على زيادة ثم عند الأخفش كما قال في قوله: " ثم تاب عليهم " والصحيح أن الجواب مضمر.==

السابع والسبعون باب ما جاء في التنزيل من أحوال النون عند الحروف

ولها أربع أحوال حالة تظهر فيها وهي عند حروف الحلق كقوله: " ومن عنده علم الكتاب " وقوله: " هل من خالقٍ غير الله " وقوله: " ما لكم من إله غيره " وقوله: " على شفا جرف هار " فلا بد من إظهارها هنا. إلا ما رواه المسيبي من إخفائها عند العين والخاء لما قاربتا من حروف الفم وخالفتا حروف أقصى الحلق أخفاها هناك وأظهروهما عند الحلقية لما بين الحلق والذلق من المسافة والبعد.

والحالة الثانية: إخفاؤها عند غير حروف يرملون نحو " من دابةٍ والملائكة " وقوله: " ثمناً قليلا " وقوله: " فأنجيناكم وأغرقنا " " وإذ أنجيناكم من آل فرعون " وغير ذلك.

الحالة الثالثة: أن تقلب ميما عند الباء نحو: " فانبجست " " كافرٍ به " وقالوا: عنبر وشنباء.

فإذا تحركت عادت إلى حالتها.

والحالة الرابعة: أن تدغم في حروف يرملون نحو: " هدى للمتقين " " على هذًى من ربهم " " ومن الناس من يقول " " ظلمات ورعد وبرق " " وعلى أمم ممن معك " " وما منا إلا له مقامٌ معلوم " وإذا أدغمت أدغمت بغنة والطاء والضاد والظاء إذا أدغمن أدغمن بإطباق وقد قلبن إلى لفظ ما أدغمن فيه البتة وما بقى رائحة الإطباق ولا يخرج الحرف من أن يكون قد قلب إلى لفظ ما بعده لأن شرط الإدغام أن يتماثل فيه الحرفان فجرى الإطباق بعد الإدغام في قلة الاعتداد به مجرى الإشمام الذي لا حكم له حتى صار الحرف الذي هو فيه في حكم الساكن البتة فالنون أدغم في الميم لاشتراكهما في الغنة والهوى في الفم ثم إنهم حملوا الواو على الميم فأدغموا فيها النون لأن الواو ضارعت الميم بأنها من الشفة وإن لم تكن النون من الشفة ثم إنهم أيضا حملوا الياء على الواو في هذا لأنها ضارعتها في المد وإن لم تكن معها من الشفة فأجازوا إدغام النون في الياء فالميم نحو قوله: " ممن معك " والياء نحو قوله: " ظلمات ورعد وبرق " والياء نحو قوله: " ومن الناس من يقول " فلما جاز حمل الواو على الميم ثم حمل الياء على الواو فيما ذكرنا كذلك أيضا جاز أن تحمل الكسرة على الضمة في امتناع إشمامها شيئا من الضمة فإما إظهارهم النون في نحو قوله: " قنوان دانية " وقوله: " صنوان وغير صنوان " وقوله: " منكم من يريد الدنيا " وقوله: شاة زنماء وأنملة وإنما أظهروها مخافة أن يشتبه بالمضاعف.

فإن قال قائل: ولم جاز الإدغام في انمحى وهلا بينت النون فقيل: انمحى كما قالوا: زنماء وزنم وكما قالوا: أنملة وأنمار ونحو ذلك قيل: قد كان القياس في زنماء وزنم وأنملة وأنمار ونحوها أن تدغم النون في الميم لأنها ساكنة قبل الميم ولكن لم يجز ذلك لئلا تلتبس الأصول بعضها ببعض فلو قالوا زماء لا لتبس بباب: زممت الناقة ولو قالوا أملة لالتبس بباب أملت ولو قالوا أمار لالتبس بباب أمرت كما بينوا في نحو: منيه وأنول وقنوان وقنو لئلا يلتبس منه بباب مى و أنول يفعول وفوعل من باب ما فاؤه همزة وعينه واو و قنوان و قنو بباب قو وقوة فرفض الإدغام في هذا ونحوه مخافة الالتباس ولم يخافوا في امحى الكتاب أن يلتبس بشيء ولأنه ليس في كلام العرب شيء على افعل ولم يأت في كلامهم نول ساكنة بتشديد الفاء ولهذا قال الخليل في انفعل من وجلت: أوجل وقالوا من رأيت: ارأى ومن لحن: الحن لأنه ليس في الكلام افعل ولم يأت في كلامهم نون ساكنة قبل راء ولا لام نحو: قنر وعنل لأنه إن أظهره ثقل جدا وإن أدغمه التبس بغيره ومن أجل ذلك امتنعوا أن يبينوا مثل عنسل و عنبس من شرب وعلم وما كان مثلها بما عينه راء ولام لأنه إن بين فقال: شنرب وعنلم ثقل جدا وإن أدغم فقال: شرب وعلم التبس بفعل. ==
الثامن والسبعون باب ما جاء في التنزيل وقد وصف المضاف بالمبهم

وهي مسألة نازع صاحب الكتاب أبو العباس نحو: مررت بصاحبك هذا وهكذا نازعه في العلم: نحو مررت بزيد هذا فمنع من ذلك خلافا لصاحب الكتاب.

وقد قال الله تعالى: " إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم " فجعل هذا نعتا لقوله " من فورهم " وكأنه قال: من فورهم المشار إليه.

وقال الله تعالى: " لقينا من سفرنا هذا نصباً " وقال: " وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا " وقال: " بعد عامهم هذا ".

فأما قوله: " ولباس التقوى ذلك خير " فجوزوا أن يكون ذلك نعتا لقوله: " لباس التقوى " ويجوز أن يكون فصلا وأن يكون ابتداء وخبرا أعنى: خبرا.

فأما قوله: " يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا " فالفراء ذهب فيه إلى أن هذا نعت ل " مرقدنا " الحاضر فقيل له: فما موضع: " ما وعد الرحمن " فقال: ثم ابتداء " ما وعد الرحمن " أي: بعثنا وعد الرحمن فحمل ما على المصدرية مرفوعا بفعل مضمر.

وليس العجب هذا إنما العجب من جرجانيكم جاء بإحدى خطيئات لقمان فزعم أن هذا نعت ل " مرقدنا " وأن قوله " ما وعد " موصول أي: ما وعده الرحمن ولم يقل: ما موضع ما وهو يتكلم على كلمات السورة.

فهذه آي كما تراها ولعلها خفيت على أبي العباس والذاب عنه لما يحملها على البدل.

قال أبو العباس: هاتين المسألتين: إن المبهم أخص من العلم فوجب ألا يوصف به العلم قياسا على قولك: مررت بالرجل أخيك وذلك أن المضاف عند سيبويه أخص من الألف واللام فمنع أن يوصف الألف واللام به لما كان أبهم منه لقربه من النكرة نحو: إني لأمر بالرجل مثلك وغيرك فكذلك وجب ألا يوصف بالمبهم العلم لكونه أخص منه ولهذا المعنى قال من قال: إن هذين ليست تثنية هذا لما كان في غاية المعرفة وأجمعوا أن الزيدين تثنية زيد والتثنية لا محالة توجب التنكير فلما أجمعوا على جواز تثنية زيد واختلفوا في تثنية هذا علم أن هذا أخص وجب ألا يجرى صفة على ما ليس بأخص منه وهذا لأن البداية ينبغي أن تقع بالأخص فإن عرف وإلا زيد ما هو أعم ليقع به البيان وفي جواز: مررت بزيد هذا عكس ذلك المعنى فوجب ألا يجوز.

واحتج سيبويه بأن ذكر هذا وذاك بعد العلم وبعد صاحبك يذهب به مذهب الحاضر والشاهد والقريب وكذلك مذهب البعيد أو المتنحى ولهذا قال سيبويه: وإنما صار المبهم بمنزلة المضاف لأنك تقرب به شيئا أو تباعده وتشير إليه فإذا قيل: مررت بزبد هذا وبصاحبك هذا وكأنه قال: مررت بزيد الحاضر ولم يغير هذا تعريف زيد ولا تعريف صاحبك وباقترانه معهما لأنه لا يتغير زيد عن تعريف العلم ولا صاحبك عن تعريف الإضافة باقترانها بهذا ولأنا نقول: إن وضع الاسم العلم في أول أحواله لشيء بينٌ به من سائر الأشخاص كوضع هذا في الإشارة لشيء بعينه فاجتمع في معنى ما وصفنا في المعرفة وفصله العلم بثبات له بذكر حال أو زوال الاسم عن المشار إليه في الغيبة.==
(التاسع والسبعون) باب ما جاء في التنزيل وذكر الفعل وكنى عن مصدره

وذكر سيبويه هذا في كتابه وحكى عنهم: " من كذب كان شرًّا له " وتلا الآية " لا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيراً لهم " فقال: التقدير: البخل خيرا لهم وكنى عنه بقوله " يبخلون ".

وقد تقدم شرح هذا في هذا الكتاب.

ومن ذلك قوله: " اعدلوا هو أقرب للتقوى " أي " العدل هو أقرب للتقوى.

وقال: " واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة " أي: الاستعانة.

وقال: " فبهداهم اقتده " في قراءة الدمشقي أي: اقتد اقتداء.

وفي بعض القراآت: " ولكل وجهة هو موليها " بإضافة كل إلى " وجهة ".

وزعم الفارسي أن الهاء كناية عن المصدر في موليها أي: مولى التولية.

ولا يكون " لكل وجهة " لأن الفعل إذا تعدى باللام إلى المفعول لا يتعدى بغير اللام ولا ما أنشده صاحب الكتاب: هذا سراقة للقرآن يدرسه أي: يدرس الدرس ولا يكون للقرآن لما ذكرنا.

ولكل ما نال الفتى قد نلته إلا التحيه أي: نلت النيل ولا يكون لكل لما ذكرنا.

وقيل في قوله تعالى: " ومن الأنعام أزواجاً يذرؤكم فيه " أي: يذرأ الذرء فالهاء كناية عن المصدر.

وقال: " وإن تفعلوا فإنه فسوقٌ بكم ".

فأما قول القائل لامرأته: إن خرجت من الدار إلا بإذني فأنت طالق فقد قالوا: إن التقدير: إن خرجت من الدار إلا خروجا بإذني فأضمر الخروج فلإن خرجت يدل عليه والباء من صلة المصدر وكأن التقدير: إلا خروجا بإذني فيحتاج في كل خرجة إلى الإذن.

ولو قال: إلا أن آذن فأبو زكريا يجعله بمنزلة إلا بإذني " لإن إن آذن بمنزلة إذنى.

وأبو حنيفة يجعل إلا أن آذن بمنزلة حتى آذن فيكفى المرة الواحدة لأن حتى آذن غاية فيجرى إلا أن آذن مجراه.

وأما قوله تعالى: " ولا تقولن لشيء إني فاعلٌ ذلك غداً إلا أن يشاء الله " فالتقدير إلا قولا بمشيئة الله أي: قولا مقترنا بمشيئة الله وهو أن نقول: أفعل إن شاء الله ومثل هذا أعنى إضمار المصدر قول أبي قيس الأسلت الأنصاري: إذا نهى السفيه جرى إليه يخالف والسفيه إلى خلاف لم أر قوماً مثلنا خير قومهم أقل به منا على قومه فخراً أي: أقل بالخير فالهاء يعود إلى الخير الذي هو مصدر ولا يعود إلى خير قومهم لأنه اسم ف قوما هو المفعول الأول ومثلنا من نعته و خير قومهم بدل و أقل هو المفعول الثاني وفخرا تمييز.

أي: أقل فخرا بالخير منا على قومنا يعنى: نحن لا نبكي على قومنا فليس هناك أقل فخرا بالخيرية على قومه منا==
المتم الثمانين باب ما جاء في التنزيل عبر عن غير العقلاء بلفظ العقلاء

وقد تقدم بعض ذلك في عرض كلامنا.

فمن ذلك قوله تعالى: " إن الذين تدعون من دون الله عبادٌ أمثالكم ".

يعني ب " الذين ": الأصنام.

والتقدير: إن الذين تدعونهم فحذف العائد.

وقال: " ولا تسبوا الذين تدعون من دون الله ".

يعني: الأصنام.

أي: لا تسبوا الذين تدعونهم أي: يدعوهم المشركون ف الواو ضمير المشركين فحذف العائد.

وقال: " والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء ".

يعني: الأصنام يدعونهم المشركون وهكذا: " أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة " أي: الذين يدعوهم المشركون يبتغون إلى ربهم الوسيلة إلا أنهم ها هنا اختلطوا بالملائكة فغلب جانبهم وجرى الفعل في هذه الأشياء صلةً على غير من هوله ولم يبرز الضمير خلاف اسم الفاعل الجاري على غير من هوله حيث يجب إبراز الضمير فقد صح قوله: إن الفعل لما كان على صيغ مختلفة وله علامات لم يحتج إلى إبراز الضمير بخلاف الفاعل ولما عدوهم معبودين جرى عليهم ما جرى على العقلاء كما قال الله تعالى: " والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين " وقوله: " أتينا طائعين ".

لما وصفوا بالسجود والطاعة جاز جمعهم بالواو والنون وقوله: " فانكحوا ما طاب لكم " وقوله: " فما استمتعتم به منهن " وقوله: " والسماء وما بناها " وقوله: " لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ".

فقد تقدم في هذا الكتاب.

ومثل ما تقدم قوله: " والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ".

وقال: " وإن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ".

وقال: " هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون ".

فهذا بخلاف قوله: " ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغنى عنك شيئاً ".

فجاء في وصفهم مرة بلفظ العقلاء ومرة بلفظ غير العقلاء.

وقال: " ألهم أرجلٌ يمشون بها " إلى آخر الآية.==
الحادي والثمانون باب ما جاء في التنزيل وظاهره يخالف ما في كتاب سيبويه وربما يشكل على البزل الحذاق فيغفلون عنه

فمن ذلك قوله تعالى: " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها " قال سيبويه: ونقول: هؤلاء ثلاثة نفر قرشيون وثلاثة مسلمون وثلاثة صالحون فهذا وجه. كراهية أن يجعل الصفة كالاسم إلا أن يضطر شاعرهم.

وهذا يدلك على أن النسابات إذا قال: ثلاثة نسابات تجىء كأنه وصف لمذكر لأنه ليس موضعا تحسن فيه الصفة كما يحسن الاسم فلما لم يقع إلا وصفا صار المتكلم كأنه قد لفظ بمذكرين ثم وصفهم بها.

وقال الله تعالى: " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها " إنما استجاز حذف الموصوف هنا على تقدير: فله عشر حسنات أمثالها لأنه لما أضيف عشر إلى الأمثال والأمثال وإن كان وصفا فقد جرى مجرى الأسماء حتى يستحسن إقامته مقام الاسم كقوله تعالى: " ثم لا يكونوا أمثالكم " وقال: " إنكم إذاً مثلهم " ويقال: مررت بمثلك ومثلك لا يفعل كذا.

وفي التنزيل: " ليس كمثله شىء " لولا ذلك لقبح عنده هذا التقرير.

وقد تقدم نبذ من هذا في هذه الأجزاء.

ومن ذلك ما أجمع عليه الفراء غير نافع وأبي عامر في قوله: " ويعلم الذين يجادلون في آياتنا " بالنصب.

وقد قال سيبويه: واعلم أن النصب بالفاء والواو في قوله: إن تأتني آتك وأعطيك ضعيف وهو نحو من قوله: وألحق بالحجاز فأستريحا فهذا يجوز وليس بالجيد إلا أنه في الجزاء أمثل قليلا لأنه ليس يوجب أنه يفعل إلا أن يكون من الأول فعل فلما ضارع الذي لا يوجبه كالاستفهام ونحوه أجازوا فيه هذا على ضعفه وإن كان معناه كمعنى ما قبله إذ قال: ولا أعطيك وإنما هو في المعنى كقوله: أفعل إن شاء الله فأوجب بالاستثناء.

قال الشاعر فيما جاء منصوبا بالواو في قولك: إن تأتني آتك وأعطيك: ومن يغترب عن قومه لا يزل يرى مصارع مظلومٍ مجراًّ ومسحبا فإنما نصبوا الميم في ويعلم ولم يكن قبيحا كما ذكره سيبويه لأنه مع جواز النصب تأتي فيه تبعية اللام ألا ترى أن اللام مفتوحة فاجتمع فيه سببان فحسن ما لم يحسن مع سبب واحد.

ومن ذلك قوله تعالى: " إنا كل شيء خلقناه بقدر " وقد قال سيبويه بعد أشياء يختار فيها الرفع: وكذلك إني زيدٌ لقيته وإني عمرو ضربته وليتني عبد الله مررت به لأنه إنما هو اسم مبتدأ ثم ابتدىء بعده اسم قد عمل فيه عامل ثم ابتدىء بعده الكلام في موضع خبره وإنما جاء منصوبا أعنى " كل شيء خلقناه " لأنه يحتمل موضع " خلقناه " لو رفع أن يكون وصفا للمجرور وأن يكون خبرا وليس الغرض أن يكون " خلقناه " وصفا ل " شىء " على تقدير: إنا كل شيء مخلوق لنا بقدر فيكون بقدر خبرا وإنما الغرض أن يكون " خلقناه " الخبر على تقدير: إنا خلقنا كل شيء بقدر.

ومن ذلك قراءة العامة: " عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال ".

قرأها غير ابن كثير بحذف الياء في الوقف والوصل.

وقد قال سيبويه في الوقف: فإذا لم يكن في موضع تنوين فإن الإثبات أجود في الوقف وذلك قولك: هذا القاضي وهذا العمى لأنها ثابتة في الوصل.

ومن العرب من يحذف هذا في الوقف شبهوه بما ليس فيه ألف ولام إذ كانت تذهب الياء في الوصل في التنوين لو لم تكن الألف واللام.

قلت: وإنما حذف الجماعة الياء من قوله: " الكبير المتعال " في الوقف لا لما ذهب إليه سيبويه ولكنهم شبهوا هذا بالفواصل إذ هي فاصلة كقوله: " والليل إذا يسر " و " ما كنا نبغ " تحذف هنا للفاصلة فإذا انضم إليه ما قال سيبويه كان الحذف أقوى فلهذا ذهب إليه الجماعة غير ابن كثير أعنى اجتماع الشيئين: الفاصلة وثقل الياء.

ومن ذلك قراءة العامة نحو: منه وعنه بغير إشباع غير ابن كثير فإنه أشبع.

وقد قال سيبويه: فإن لم يكن قبل هاء التذكير حرف لين أثبتوا الواو والياء في الوصل نحو: منه فاعلم وقد يحذف بعض العرب الحرف الذي بعد الهاء إذا كان ما قبل الهاء ساكنا لأنهم كرهوا حرفين ساكنين بينهما حرف خفي نحو الألف وكما كرهوا التقاء الساكنين في أين ونحوها كرهوا ألا يكون بينهما حرف قوي وذلك قول بعضهم: منه يا فتى و أصابته جائحة.

قال: والإتمام أجود لأن هذا الساكن ليس بحرف لين والهاء حرف متحرك.

فتراه رجح قراءة ابن كثير على قراءة العامة ألا ترى أن العامة يقرءون: " فإن أصابه خيرٌ اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب " بلا إشباع و ابن كثر يقرأ " فإن أصابته " بالإشباع وهو اختيار سيبويه والعامة تنكبوا ما اختاره لثقل الواو وآخر الكلمة.

ومن ذلك ما رواه العامة في اختلاف الهمزتين عن أبي عمرو نحو: " يا زكريا إنا " و " السفهاء ألا " فإنهم لينوا الثانية وخففوا الأولى وسيبويه روى عنه عكس ذلك.

وقد تقدم في هذه الأجزاء هذا الفصل.

ومن ذلك قول سيبويه: إن أبا الخطاب زعم أن مثله قولك: للرجل: سلاما وأنت تريد: تسلما منك كما قلت براءةً منك تريد: لا ألتبس بشيء من أمرك.

وزعم أن أبا ربيعة كان يقول: إذا لقيت فلانا فقل سلاما فزعم أنه سأله ففسر له معنى: براءة منك وزعم أن هذه الآية " وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً " بمنزلة ذلك.

لأن الآية فيما زعم مكية ولم يؤمر المسلمون يومئذ أن يسلموا على المشركين ولكنه على قولك: براءةً منكم وتسلما.

في كتاب أبي بكر بن السراج: هذا غلط وإيضاح هذا ووجهه أنه لم يؤمر المسلمون يومئذ بقتال المشركين إنما كان شأنهم المتاركة ولكنه على قوله براءة.

ومن ذلك قوله تعالى على قراءة من قرأ: " ولبثوا في كهفهم ثلثمائة سنين " بإضافة " ثلثمائة إلى " سنين ".

وقد قال سيبويه: إن هذا العدد أعنى مائة إلى الألف يضاف إلى المفرد دون الجمع.

وإنما جاء هذا هكذا تنبيها على أن الأصل أن يضاف إلى الجمع وإن جاء الاستعمال بخلافه.

وكقوله: " استحوذ عليهم الشيطان " والقياس: استحاذ وكقولهم: " عسى الغوير أبؤسا " والقياس أن يكون خبر عسى أن مع الفعل.

ومن ذلك قراءة من قرأ: " إن في السموات والأرض لآياتٍ " إلى قوله: " واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزقٍ فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آياتٌ لقومٍ يعقلون " بكسر التاء من " آيات " بالعطف على قوله: " إن في السموات والأرض لآياتٍ " وقال سيبويه: العطف على عاملين لا يجوز.

يعني إن و في ألا ترى أنه جر قوله " واختلاف " بالعطف على " آيات " المنصوبة ب أن وجاز هذا لأنه ذكرت آيات ثانية على سبيل التكرير والتوكيد ألا تراه لو قال: " واختلاف الليل والنهار " إلى قوله: " وتصريف الرياح " ولو لم يقل " آيات لقوم يعقلون " لكان حسنا جيدا.

ومن ذلك ما جاء من قوله تعالى: " وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتاً " إذا نصبت كم بفعل يفسره " أهلكناها ".

وقد قال سيبويه: أزيد أنت رجل تضربه لأن الصفة لا تعمل فيما قبل الموصوف.

فإذاً يجب حمل قوله كم على فعل يفسره " فجاءها بأسنا ".

وقد تقدمت هذه المسألة.

ومن ذلك قوله: " إني ألقي إلي كتابٌ كريم " إلى قوله " ألا تعلوا علي ".

أي: كتاب كريم بأن لا تعلوا على.

وقد قال سيبويه الفصل بالوصف بالصلة والموصول لا يجوز فإذا وجهة أن يكون التقدير إن هو أن لا تعلوا على فتحمل أن على خبر ابتداء مضمر.

ومن ذلك قوله تعالى.

" وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطاً أمما " فأوقع الجمع بعد " اثنتى عشرة والذي في الكتاب هو أن يفسر هذا العدد بالمفرد كما جاء من نحو: " أحد عشر كوكبا " و " اثنا عشر شهرا ".

ووجه الآية أن " أسباطا " بدل من اثني عشرة وليس تميز والمميز محذوف والتقدير " اثنتى عشرة فرقة " ومن ذلك الكلام الطويل في الحذف من الصلة والصفة والخبر فحسن الحذف من الصلة نحو: " أهذا الذي بعث الله رسولاً " وأخواته وقبح الحذف من الصلة نحو قولهم: السمن منون بدرهم.

وألحق الحذف من الصفة بالحذف من الخبر فاستثقله ولو لم يكثر عنده كثرة حذفه من الصلة فاسمع إن شئت ما جاء في التنزيل من حذف ذلك في الصفة.

قال الله تعالى: " سوف نصليهم ناراً كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها " أي: كلما نضجت جلودهم منها.

وقال: " جنتان عن يمينٍ وشمالٍ كلوا من رزق ربكم " أي: يقال: كلوا من رزق ربكم منها.

وقال: " علمها عند ربي في كتابٍ لا يضل ربي " أي: لا يضل ربي عنه.

وقال: " جنات عدنٍ مفتحةً لهم الأبواب " أي: الأبواب منها.

فهذا ما جاء في الصفة ويعرض غيره هناك وإن شئت فاسمع حذفه من الخبر أيضا.

وقال: " الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا " أي: قل لهم: فادرءوا فيمن رفع الذين بالابتداء.

وقال: " إنا لا نضيع أجر المصلحين " أي: منهم.

وقال: " لا نضيع أجر من أحسن عملاً " أي: منهم.

وقال: " ولا نضيع أجر المحسنين " أي: منهم.

واسمع في قوله: " ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور " أي: إن ذلك منه.

ومن ذلك قوله تعالى: " وإذ أخذ الله ميثاق النبيين " إلى قوله: " مصدقٌ لما معكم لتؤمنن به ".

وقوله: " والذين يمسكون بالكتاب " إلى قوله: " لا نضيع أجر المصلحين ".

ومنه: " إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين ".

وقوله: " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا ".

ظاهر هذه الآي أنه وضع الظاهر موضع المضمر ألا ترى أنه قال في الأولى: " ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم " أي: مصدق له ليعود الهاء إلى قوله " لما أتيتكم " فموضع ما موضع الهاء.

وكذلك في الآي بعدها تقديره " إنا لا نضيع أجرهم " فوضع الظاهر موضع المضمر.

وقد قال: وتقول: ما زيد ذاهبا ولا محسنٌ زيدٌ الرفع أجود وإن كنت تريد الأول لأنك لو قلت: ما زيد منطلقا زيد لم يكن حد الكلام وكان ها هنا ضعيفا ولم يكن كقولك: ما زيد منطلقا هو لأنك قد استغنيت عن إظهاره وإنما ينبغي لك أن تضمره ألا ترى أنك لو قلت: ما زيد منطلقا أبو زيد لم يكن كقولك: ما زيدٌ منطلقا أبوه لأنك قد استغنيت عن إظهاره فلما كان هذا كذلك أجرى مجرى الأجنبي واستؤنف على حياله حيث كان ضعيفا فيه.

وقد يجوز أن تنصب.

قال سوادة بن عدي: لا أرى الموت يسبق الموت شيء نغص الموت ذا الغنى والفقيرا فأعاد الإظهار.

وقال الجعدي: إذا الوحش ضم الوحش في ظللاتها سواقط من حرٍّ وقد كان أظهرا والرفع فيه الوجه.

قال أبو الحسن: النصب في لغة أهل الحجاز لا يكون غيره في قوله: ما زيد منطلقا زيد لأنك إن جعلت زيدا بمنزلة الأجنبي لم يكن كلاما فأنت إذا أعدت زيدا فكأنك قلت ما زيد منطلقا هو ولا يكون على غير ذلك في لغة أهل الحجاز وإنما رفعت ولا يسيء معن على الإبتداء وعلى لغة بني تميم لأنك إذا قلت: ما معن بتارك حقه استغنى الكلام.

قلت: فالآية الأولى محمولة على إضمار به أي: ثم جاءكم به والآي الأخر محمولة على إضمار منهم أي: إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا منهم وأجر المصلحين منهم وأجر المحسنين منهم.

فأما قوله: " وهو الذي " فليس على: " وهو الذى في السماء هو " فوضع الظاهر موضع المضمر ولكن على حذف المبتدأ وهو: الذي هو في السماء في السماء إله فحذف هو لطول الكلام وليس هذا كقوله تعالى: " تماماً على الذي أحسن " فيمن رفع ولا: " ما بعوضةً " ولا كقوله: ينسون ما عواقبها لأن الكلام لم يطل مع أنه قد استمر الحذف على مذهبه من صلة أي نحو: اضرب أيهم أفضل.

وقال: " أيهم أشد على الرحمن " والتقدير: أيهم هو أشد وهو مستحسن هنا جدا بخلاف: " تماماً على الذي أحسن " على ما قالوا فهذا يوجب أن قوله: " ومن عنده علم الكتاب " وأخواته يكون على: ومن هو عنده فيكون الظرف جاريا مجراه في قوله: زيد عندك.

ولا يصلح الاستدلال به في قيامه مقام الفعل لأن الموصولة توصل بالجملة ألا ترى استمرار حذف هو في أيهم أشد.

فهذا ما حضرنا الآن فإن وقع لي فصل بين وأيهم فيما بعد والرجوع نبهتك على ذا إن شاء الله.

ومن ذلك قوله تعالى: " ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين " حمل سيبويه نصب قوله " ويعلم " على الصرف وهي قراءة الجمهور إلا الحسن فإنه قرأ: " ويعلم الصابرين " بكسر الميم.

وقالوا: إنه مجزوم بالعطف على " يعلم الله ".

وهذا الإجماع هنا مخالف لما جاء في قوله: " ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم " حيث أجمعوا على جزم " نمنعكم " بعد قوله " ألم نستحوذ " فلعلك تشك أن النصب والجزم هنا متعارضان وتحتج في كل واحد منهما بآية فلا بد وأن أبين لك ذا وأقول: إن الجزم أحسن من النصب على ما جاء في " ونمنعكم " وإنما نصب " نمنعكم " ابن أبي عبلة وهو شاذ.

فأما قوله تعالى: " ويعلم الصابرين " فإنه مجزوم ليس بمنصوب ولكنه فتح لالتقاء الساكنين تبعا للام فهذه فتحة بمنزلة الكسرة.

فأما قوله تعالى: " قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السماوات " فإنه جاء مرفوعاً مقطوعا عن الأول إلا ما روى عن ابن ميسرة حيث نصب " ويعلم ما في السماوات " حمله إما على الصرف أو على التبعية.

إن التقدير: أنت الهالك فحذف الخبر.

وقال: ولا يكون على أن تضمر هذا لأنك تشير للمخاطب إلى نفسه ولا يحتاج إلى ذلك وإنما تشير له إلى غيره ألا ترى أنك لو أشرت له إلى شخصه فقلت: هذا أنت لم يستقم.

وقال في حد الإضمار فصلا طويلا: " حدثنا يونس تصديقا لقول أبي الخطاب أن العرب تقول: هذا أنت تقول كذا وكذا ولم ترد بقولك: هذا أنت أن تعرفه نفسك كأنك تريد أن تعلمه أنه ليس غيره هذا محال ولكنه أراد أن ينبهه كأنه قال: الحاضر عندنا أنت والحاضر القائل كذا وكذا أنت ".

وإن شئت لم تعدها في هذا الباب.

قال الله تعالى: " ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم " وقد قال أبو سعيد في شرح هذا في الفصل الأول: ويجوز هذا أنت.

وإذا صرنا إلى ذلك بينا.

ثم صار إلى ذلك الموضع قال: والذي حكاه أبو الخطاب عن العرب من قوله: هذا أنا وأنا هذا هو في معنى: ها أنا ذا ولو ابتدأ إنسان على غير الوجه الذي ذكرناه فقال: هذا أنت وهذا أنا يريد أن يعرفه نفسه كان محالا لأنه إذا أشار إلى نفسه فالإخبار عنه ثابت لا فائدة فيه لأنك إنما تعلمه أنه ليس غيره ولو قلت: ما زيد غير زيد وليس غير زيد كان لغواً لا فائدة فيه وإذا قلت: هذا أنت والإشارة إلى غير المخاطب جاز وبمعناه: هذا مثلك كما تقول: زيد عمرو على معنى: زيد مثل عمرو.

والذي حكاه يونس عن العرب: هذا أنت تقول كذا وكذا هو مثل قوله: " ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم " لأن قولهم: هذا أنت كقولك: أنت هذا أحدهما مبتدأ والآخر خبره أيهما شئت جعلته المبتدأ والآخر الخبر.

والوجه الآخر في قوله: " ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم " أن يكون " أنتم " مبتدأ و " هؤلاء " الخبر و " تقتلون " في موضع الحال.

والكوفيون يزعمون أن التقدير: ثم أنتم تقتلون ابتداء وخبر و " هؤلاء دخل للتقريب.

ويجوز أن يكون " هؤلاء " بمعنى الذين أي: الذين تقتلون أنفسكم كما جاز: أنت الذي فعلت.

وقد ذكرنا أنه لا يحمل على: ثم أنتم يا هؤلاء لأنه يقال: يا أي هؤلاء والأمر موقوف بعد.

وإن راجعنا مرة أخرى فربما يتضح لك أكثر من هذا إن شاء الله.

ومن ذلك قراءة من قرأ: " الذى جعلناه للناس سواءً العاكف فيه والباد " بالنصب.

وقوله: " سواءً محياهم ومماتهم " بالنصب.

وقد قال في الكتاب: لو قلت: مررت برجل سواء أبوه وأمه ومررت برجلٍ خير منك أبوه وأمه فتجريه على الأول وتحمله ي الثاني كان قبيحا وهي لغة رديئة قال: والوجه الرفع.

انتهت الحكاية عنه.

ومعاذ الله أن تحمل قراءة بعض الأئمة على اللغة الرديئة لا سيما وهم من السبعة.

والوجه في ذلك أن تجعل سواء.

الذي هو مصدر.

بمعنى الفاعل أي: مستويا فيه العاكف والبادي ومستويا محياهم ومماتهم قال: وهل كفلائي في الوفاء سواء أي مستوون لولا ذلك لم يقدم الجار عليه ولما كان الأمر في نصب سواء كما زعمه سيبويه نصب من نصب " محياهم ومماتهم " إلى " سواء " في " محياهم ومماتهم " كيلا يرفع به فيكون على اللغة الرديئة ولم ير موضع المصدر موضع الفاعل ابن عيسى ولا غيره ممن نصب " محياهم ومماتهم ".

ومن ذلك ما روى عن أبي عمرو.

" فمن زحزح عن النار ".

بإدغام الحاء في العين بعد إجماعهم على إظهار عنهم.

قال أحمد: وذلك لكثرة الحروف في " زحزح عن النار ".

وروى عنه إدغام " فلا جناح عليه ".

قال سيبويه: ومما قالت العرب تصديقا لهذا في الإدغام قول بني تميم محم يريدون: معهم ومحاؤلاء يريدون: مع هؤلاء ومما قالت العرب في إدغام الهاء مع الحاء قوله: يريدون: ومسحه العين مع الحاء كقولك: أقطع جملا الإدغام حسن والبيان حسن لأنهما من مخرج واحد ولم تدغم الحاء في العين امدح عرفة لأن: الحاء قد يفزعون إليها إذا وقعت الهاء مع العين وهي مثلها في الهمس والرخاوة ومع قرب المخرجين.

فأجريت مجرى الميم مع الباء فجعلتها بمنزلة الهاء كما جعلت الميم بمنزلة النون مع الباء ولم تقو العين على الحاء إذ كانت هذه قصتها.

وهما من المخرج الثاني من الحلق وليست حروف الحلق بأصل في الإدغام ولكنك لو قلبت العين حاء فقلت: في امدح عرفة: امد حرفة جاز كما قلت: اجبحنبة تريد: اجبه عنبة حيث أدغمت وحولت العين حاء.

ثم أدغمت الهاء فيها.==

الثاني والثمانون باب ما جاء في التنزيل من اختلافهم في لفظة ما من أي قسمة هي

فمن ذلك قوله تعالى: " فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزيٌ ".

قيل: هي استفهام.

وقيل: هي نفي.

ونظيره في الأخرى: " ما جزاء من أراد بأهلك سوءًا إلا أن يسجن ".

ومن ذلك قوله: " ألا إن لله من في السموات ومن في الأرض وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء إن يتبعون إلا الظن ".

قيل: ما نفي وكرر " يتبعون ".

والتقدير: ما يتبعون إلا الظن.

و " شركاء " منتصب.

مفعول " يدعون " أي: ما يتبع داعو شركاء إلا الظن.

وقيل: ما استفهام.

أي: أي شيء يتبع الكافرون الداعون وقيل: ما بمعنى الذي.

أي: لله من في السموات ومن في الأرض ملكا وملكا والأصنام التي تدعوهم الكفار شركاء.

ف ما يريد به الأصنام وحذف العائد إليه من الصلة.

و " شركاء " حال.

ومن ذلك قوله: " وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة ".

قيل: ما بمعنى الذي.

وقيل: ما نافية.

فحينئذ يكون الابتداء بهما أولى.

فأما قوله قبل الآية: " كما غوينا تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون " يكون " أن يكون " نفيا.

وقيل: هي مصدرية على تقدير: تبرأنا إليك من عبادتهم إيانا فيكون الجار محذوفا.

والأول الوجه.

ومن ذلك قوله: " ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم ".

وقرأ: " وما عملت أيديهم ".

فمن حذف الهاء كان ما نفيا ومن أثبت كانت موصولة محمولة على ما قبله أي: من ثمره ومن عمل فأما قوله تعالى: " كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون ".

فقيل: التقدير: كانوا يهجعون قليلا.

و ما صلة زائدة.

وقيل: بل هي مصدرية أي: كانوا قليلا يهجعونهم.

وقيل: نفي.

وقد تقدم ذلك.

وأما قوله: " وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم ".

قرئ بالرفع والنصب.

فمن قرأها بالرفع كانت ما بمعنى الذي.

أي: إن الذين اتخذتموهم أوثانا من دون الله مودة بينكم.

ومن نصب كانت ما كافة ويكون " أوثانا " مفعولا أول ويكون " مودة بينكم " مفعولا ثانيا إن شئت وإن شئت كان مفعولا له.

وأما قوله: " والسماء وما بناها " وما بعدها فقيل: " ما " مصدرية أي: والسماء وبنائها والأرض ودحوها ونفس وتسويتها.

وقيل: " ما " بمعنى: من أي والسماء وخالقها والأرض وداحيها ونفس ومسويها.

نظيره: " إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها " قيل: أي: من على الأرض من الرجال والنساء.

قيل: من طاب لكم.

وقيل: ما يلحق هذا الحنس.

فأما قوله: " وما بكم من نعمة فمن الله ".

فحمله الفارسي على أنها موصولة قياساً على مذهب سيبويه حين زعم أن الظرف لا يبنى على كلمة الشرط.

فقال: إذا قلت: إن عندنا رجل إن زيد أو عمرو.

والتقدير: إن كان زيد.

ولم تقدر: إن عندنا زيد.

ثم رأيت لعثمان وهو يتكلم على شبه الظرف بالفعل في قوله: ففينا غواشيها فزعم أنالظرف كالفعل حيث عطفه على الفعل في قوله " تقاسمهم " ثم قال: ألا تراه قال: " وما بكم من نعمة فمن الله " ففصل بكلمة الشرط بالظرف.

ولا أدري أنسي قول سيبويه وقول صاحبه في قوله: " لما آتيتكم من كتاب وحكمة " حين وفقنا بين قول سيبويه والمازني.

وأما قوله: " إن الله يعلم ما يدعون من دونه شيء " فحمل الخليل " ما " علىالإستفهام.

لمكان " من " من قوله: " من شيء ".

وحمله آخرون على " الذي ".

ومثله: " فلا تعلم نفس ما أخفي لهم " يكون استفهاماً ويكون موصولاً.

وأما قوله تعالى: " ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر ".

فقيل: ما بمعنى الذي معطوف على " خطايانا ".

وقيل: " ما " نافية والتقدير: ليغفر لنا خطايانا من السحر ولم يكرهنا عليه.

فتكون ما نافية فيه تقديم وتأخير.

وأظنني قدمت هذه الآية.

ومثله: " فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن ".

أي: من استمتعتم به منهن.

ومثله: " ولا أنتم عابدون ما أعبد ".

في الموضعين يعنى: الله.

وحكى أبو زيد: سبحان ما سحركن.

وأنشد لأبي دواد: سالكاتٍ سبيل قفرة بدا ربما ظاعنٌ بها ومقيم أي: رب إنسان هو ظاعن بها إنسان هو مقيم بها ف ما جر ب رب ووصفها بالجملة كما تقول: رب رجلٍ أبوه مقيم.==
الثالث والثمانون باب ما جاء في التنزيل من تفنن الخطاب والانتقال من الغيبة إلى الخطاب ومن الخطاب إلى الغيبة ومن الغيبة إلى المتكلم

ومن ذلك قوله تعالى: " الحمد لله " ثم قال: " إياك نعبد ".

وقال: " حتى إذا كنتم في الفلك وجرين " وحق الكلام: وجرين بكم.

وقال: " وأنزل من السماء ماءً فأخرجنا به أزواجاً من نباتٍ شتى ".

وهو كثير في التنزيل والأصل في الكلام البداية بالمتكلم ثم بالمخاطب ثم بالغيبة.

قال الله تعالى: " فعميت عليكم أنلزمكموها ".

فقدم المخاطب على الغيبة.

فبنوا على هذا فقالوا: الوجه في الكلام: أعطانيك وأعطاكني لا يجوز وأعطيتكها وأعطيتكهوك قبيح ومع قبحه قول يونس.

واحتج في ذلك قارئهم بقول القطامي: أبلغ ربيعة أعلاها وأسفلها أنا وقيساً تواعدنا لميعاد فأخبر عن المتكلم دون الغيبة وهو قيس.

والمبرد يقوى قول يونس في القياس ويجعل إضمار الغائب والمتكلم والمخاطب في التقديم والتأخير سواء ويجيز: أعطاهوك و: أعطاهوني و: أعطاكني ويستجيزه ويستحسنه في: منحتني نفسي.

وسيبويه لا يجيز شيئا من ذلك إلا بالانفصال نحو: أعطاك إياك و: أعطاها إياك و: أعطاه إياكما و: أعطاها إياكما و: أعطاك إياي.

وهذا الذي ذكره المبرد ليس بالسهل لأن ضمير المتكلم أقرب ثم المخاطب ثم الغائب.

وقد رأيت غير سيبويه يجيز بين المتصل والمنفصل وغيرهما في: أعطيتكه و: أعطيتك إياه لأن المفعول الثاني ليس يلاقي الفعل ولا يكترث به.

وأجاز سيبويه: أعطاك إياك.

وتصحيحه لا يقوى ذلك لأن تعلق المفعولين بالفعل من بابا واحد واختلاف المفعولين في ترتيبهما ليس مما يغير حكم تعليقهما بالفعل وعمل الفعل فيهما.

ولقائل أن يقول: ما الذي أنكر سيبويه من: منحتيني وهل سبيل منحتيني: إلا سبيل أعطاهوها وهو مستحسن قيل له: المنكر من منحتيني عند سيبويه أن في الثانية يؤخر ما هو حقه التقدم على كل ضمير وليس كذلك أعطاهوهما.==
الرابع والثمانون نوع آخر إضمار قبل الذكر

قوله تعالى: " ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابةٍ ".

يريد: على الأرض.

وقال: " فأثرن به نقعاً ".

يعني: الوادي.

وقوله: " والنهار إذا جلاها ".

يعني: الدنيا والأرض.

ومثل ما تقدم: " ولو جعلناه ملكاً لجعلناه رجلاً وللبسنا عليهم ما يلبسون ".

جويبر عن الضحاك عن ابن عباس: " وللبسنا " على الملائكة من الثياب ما يلبسه الناس من وقال غيره: لشبهنا عليهم ما يشبهون على ضعفائهم و اللبس في كلامهم الشك.

الكلبي: ولخلطنا عليهم ما يخلطون.

وقيل: لبسنا عليهم أي: على قادتهم ما يلبسون كما يلبس القادة على سفلتهم.

وذلك أنهم أمروا سفلتهم بالكفر بالله والشرك له فالله عز اسمه يقضى على قادتهم حتى يكونوا على الكفر.

ومن ذلك قوله تعالى: " إنها كلمةٌ هو قائلها " قيل: الكلمة: قوله: " فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعةً ". الآية.

أي: الله قائل هذه الكلمات فلا يدخلها خلف.

عن ابن زيد: أن القائل المشرك والضمير لكلمة المشرك وهي قوله: " قال رب ارجعون ".

أي: لا يكون ذلك أبدا.

ومن ذلك قوله: " سامراً تهجرون " أي: مستكبرين بحرم الله ويقولون: إن البيت لنا لا يظفر علينا أحد وقيل: مستكبرين بالكتاب لا يؤمنون به وقد تقدم في قوله: " ولدينا كتابٌ ينطق بالحق ".

ومن ذلك قوله تعالى: " وصدها ما كانت تعبد " الضمير في " صدها " قيل: لله تعالى أي صد الله بلقيس عن عبادة غيره.

وقيل ما هي الفاعلة وقد تقدم في الجار والمجرور.

ومن ذلك قوله: " تماماً على الذي أحسن " ففي فاعل " أحسن " قولان: أحدهما موسى أي: تماما على إحسان موسى بطاعته.

عن الربيع والفراء كأنه: لتكمل إحسانه الذي يستحق به كمال ثوابه في الآخرة.

فيكون مذهب الذي مذهب المصدر كقول يونس في قوله تعالى: " وخضتم كالذي خاضوا ".

والثاني: أن يكون الفاعل ذكر الله أي: تماما على إحسان الله إلى أنبيائه. عن ابن زيد.

وقيل: تماما على إحسان الله إلى موسى بالنبوة وغيرها من الكرامة. عن أبي علي.

ومن ذلك قوله: " إذ يغشيكم النعاس أمنةً منه " قيل: من العدو وقيل: من الله.

وقوله: " ويثبت به الأقدام ".

أي: بالماء وقيل: بالربط على القلوب كنى عن المصدر وقيل: بالرسل.

ومن ذلك قوله تعالى: " لا تحرك به لسانك لتعجل به ".

قيل: هذا كقوله: " ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه ".

كان يسرع القراءة مخافة النسيان.

وقيل: كان يحب الوحي فيحرص على التلقن قبل أن يتم الكلام.

وقيل: إنما أراد قراءة العبد لكتابه يوم القيامة لأن ما تقدم هذه الآية وما تأخر عنها يدل على ذلك ولا يدل على شيء من أمر القرآن ولا على شيء كان في الدنيا.

وكأن هذا القول في معنى قراءة العبد كتابه ضرب من التقريع والتوبيخ والإعلام بأنه صار إلى حيث لا تنفعه العجلة وإلى موضع التثبت في الأمور وإقامة جزاء الحسنة والسيئة وهذا حسن.

البلخي: إن العبد يسرع إلى الإقرار بذنوبه وتكلف معاذيره ظنا بأن ذلك ربما ينفعه فيقال له: لا تعجل فإن علينا أن نجمع أفعالك في صحيفتك وقد فعلناه وعلينا أن نقرأ كتابك فإذا قرأناه فاتبع قرآنه أي فاتبع قراءته هل غادر شيئا واحتوى على زيادة لم تعملها فإذا فعلت ذلك وجاوب كتابنا أفعالك فاعلم بعد ذلك أن علينا بيانه أي إظهار الجزاء عليه.

والأول أيضا حسن لأن الإشارة إلى الشيء في تفريقه كمتقدم ذكره فيحسن معها الإضمار وكان يقرأ عليه القرآن وأشير إليه فقيل: " لا تحرك به " أي: بهذا الذي نقرؤه عليك.

وهذا المعنى أيضا حسن.

فعلى هذا: إن علينا جمعه في قلبك لتقرأه بلسانك.

عن ابن عباس رضي الله عنه.==
(الخامس والثمانون) باب ما جاء في التنزيل حمل فيه الفعل على موضع الفاء في جواب الشرط فجزم

فمن ذلك قوله تعالى: " وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خيرٌ لكم ويكفر عنكم " فجزم " نكفر " على موضع قوله: " فهو خير لكم " لأن تقديره: إن تخفوها وتؤتوها الفقراء يكن الإيتاء والإخفاء خير لكم.

والرفع فيه أيضا حسن جيد لما لم يظهر الجزم في الفاء لم يكن به اعتداد.

وقد ذكر فارسهم ذلك فقال: إذا قلت: زيدا ضربته وعمراً كلمته ربما احتج الزيادي بأن قوله ضربته لم يظهر فيه الإعراب فلم يقع به اعتداد في كلام طويل ذكرته في الخلاف.

ومن ذلك قوله تعالى: " من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم " جزم " يذرهم " حملا على موضع الفاء والرفع فيه حسن على ما قلنا.

وأما قوله تعالى: " فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم ويستخلف ربي قوماً غيركم " فإن القراء السبعة أجمعوا على رفع " ويستخلف " ولم يجزموه كما جزموا " ويذرهم " " ونكفر " إلا رواية عن حفص جزمه كما جزم أولئك في الآيتين فقال قائلهم: ليس ذا بجزم وإنما هو ألا ترى أنه أطبق مع الجماعة على إثبات النون.

فقرأ: " ويستخلف ربي قوماً غيركم ولا تضرونه شيئا " فأثبت النون ولو اعتقد في " يستخلف " الجزم حملاً على موضع الفاء لحذف النون ولم يثبتها فثبت أنه ليس بمجزوم وأنما أطبقوا على الرفع لمكان النون في " ولا تضرونه شيئا " إذ وجدوها في المصحف كذلك.

ومن ذلك قوله: " لولا أخرتني إلى أجلٍ قريبٍ فأصدق وأكن " فحمل " يكن " على موضع الفاء في " فأصدق " أي: موضع الفاء جزم وكأنه في التقدير: إن أمهلتني أصدق وأكن.

وأبو عمرو قرأه " وأكون " منصوبا بالحمل على موضع " فأصدق " فهذا في الحمل على موضع الفاء وربما كان ينشد فارسهم قول أبي دواد: فأبلوني بليتكم لعلى أصالحكم وأستدرج نؤبا فحمل وأستدرج على موضع لعلى جزم على تقدير: فلعلي بالفاء محذوفة.

فأما ما جاء من نحو قوله: " إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا ويخرج أضغانكم " وقوله: " يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء " فالجزم هو الجيد بالعطف على الجزاء وجاز الرفع في مثله.

وقد قرئ به في " فيغفر " دون " يخرج " وجاز النصب في " فيغفر ".

وقد جاء ذلك في الشواذ ولم يشذ في قوله: " ويعلم الذين " بعد " أو يوبقهن " المنجزم بالعطف على قوله " إن يشأ يسكن الريح وقال عز من قائل: " أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ".

فإنه حمل نصبه على الصرف وعندي أنه مجزوم وكان حقه الكسر لقراءة الحسن " ويعلم الصابرين " لكنه حمله على اللام وفتحه لمطابقة ما قبله كما روى عن ابن عامرٍ تم تجعله بفتح اللام تبعا ل العين.

وأما قوله تعالى: " إن نشأ ننزل عليهم من السماء آيةً فظلت أعناقهم لها خاضعين ".

فقدر أبو إسحاق موضع قوله " ظلت " أنه مجزوم بالعطف على " ننزل " كقوله " فيغفر " جزم بالعطف على " يحاسبكم ".

وأنكر عليه أبو علي وزعم أن قوله " ظلت " بعد الفاء كقوله " ينتقم الله " بعد الفاء كقوله: " فلا هادى له ويذرهم ".

لم يتأمل أبو علي في هذا الكلام لأن قوله " فينتقم الله منه " جواب الشرط وقوله " فظلت " معطوف على " ينزل " كما أن " فيغفر " معطوف على " يحاسبكم ".

نعم لو كان " فظلت " جواب " إن نشأ " لكان كقوله: " ومن عاد فينتقم الله منه " فأما إذا كان في تقدير: إن نشأ ننزل فتظل عناقهم كان كقوله: " فيغفر " والله أعلم.==
السادس والثمانون واستعمل ما هو فرع

فمن ذلك الصاد في " الصراط " من نحو قوله تعالى: " اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين ".

جاء الاستعمال وكثرت القراءة بالصاد وقد رفض فيه السين إلا في القليل.

ومنه قوله: " أنعمت عليهم " " كل حزبٍ بما لديهم " و " إليكم " و " فيهم " و: " فيكم ".

الأصل في كل ذلك: عليهمو و: إليهمو و: لديهمو و: فيهمو بالواو لأنها بإزاء: عليهن و: لديهن و: إليكن و: إليهما وكما أن المثنى المؤنث بالحرفين فكذلك المذكر وجب أن يكون بحرفين إلا أنهم حذفوا الواو استخفافا وأسكنوا الميم فقالوا: عليهم.

فإن قلت: فهلا تركوا الميم بالضم بعد حذف الواو فلأن في إبقاء الضم استجلاب الواو ألا تراهم قالوا: أمشى فأنظور و # تنقاد الصياريف فإذا أسكنوها أمنوا ذلك ألا تراهم لم يصلوا: وأنت من أفنانه معتقد وكانت الهاء في: قربها و إرثها رويا ولم تكن كالهاء في: أجمالها و: بدالها و: زال زوالها.

ومن ذلك إبدالهم الميم من النون الساكنة في قوله: " فانبجست " و: " من يك " وشنبا و عنبر ومن ذلك قوله تعالى: " إن هذان لساحران ".

الأصل في ألف التثنية أن تكون كعصا ورحا في الرفع والنصب والجر على صورة واحدة لأن الحركة فيها مقدرة كما هي في ألف عصا و رحا ولكنه جاء الاستعمال على قلبها ياء في النصب والجر حرصاً على البيان إذ لم يكن هناك ما في المفرد من البيان ألا تراك تقول: ضرب موسى العاقل عيسى الأديب فيتبين الرفع بالصفة بعد الفاعل ونصبها بعد المفعول وهذا المعنى لا يتأتى بالتثنية لو قلت: ضرب الزيدان العاقلان العمران القائمان لم تتغير الصفة فجاء قوله: " إن هذان لساحران " على الأصل الذي ينبغي أن يكون عليهم كما " استحوذ " على ذلك.

وقوله: " ألم نستحوذ عليكم " ولم يكن كقوله: " وإياك نستعين " وكقولهم: " عسى الغوير أبؤسا " على الأصل ولم يكن كالمستعمل في قوله تعالى: " عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا " وكذلك جاء قول: تأبط شرا: فأبت إلى فهمٍ ولم أك آيبا وكم مثلها فارقتها وهي تصفر قال عثمان: وصواب الرواية فيه: وما كدت آيبا أي: وما كدت أؤوب فاستعمل الاسم الذي هو فرع وذلك أن قولك: كدت أقوم وأصله قائما فلذلك ارتفع المضارع أي لوقوعه موقع الاسم فأخرجه تأبط شرا على المرفوض كما يضطر الشاعر إلى مراجعة الأصول عن مستعمل الفروع نحو صرف ما لا ينصرف وإظهار التضعيف وتصحيح المعتل وما جرى مجرى ذلك.

ونحو من ذلك ما جاء عنهم من استعمال مفعول عسى على أصله وذلك ما أنشدناه من قول الراجز: أكثرت في العذل ملحاًّ دائما لا تكثرن إني عسيت صائما فهذه الرواية الصحيحة في هذا البيت أعني قوله: وما كدت آيبا وكذلك وجدتها في شعر هذا الرجل بالخطأ القديم وهو عتيد عندي إلى الآن وبعد فالمعنى عليه البتة لا ينصرف به عنه ألا ترى أن معناه: وأبت وما كدت أؤوب كقولك: سلمت وما كدت أسلم وكذلك كل ما يلي هذا الحرف من قبله ومن بعده يدل على ما قلناه ولا معنى لقولك: وما كدت آيبا ولا: ولم أك آيبا وهذا واضح==
السابع والثمانون باب ما جاء في التنزيل من القراءة التي رواها سيبويه

في كتابه فمن ذلك ما ذكره في باب ما.

قال: وأهل الحجاز شبهوها يعني ما ب ليس إذ كان معناها كمعناها كما شبهوا ب ليس لات في بعض المواضع وذلك مع الحين خاصة لا تكون لات إلا مع ولم يستعملوها إلا مضمرا فيها يعني لات وليس ك ليس في المخاطبة والإخبار عن غائب تقول: لست وليسوا وعبد الله ليس ذاهبا فيبنى على المبتدأ ويضمر فيه وهذا لا يكون فيه ذاك يعنى فيه لات ولا يكون هذا في لات لا تقول: عبد الله لات منطلقا ولا قومك لاتوا منطلقين.

ونظير لات في أنه لا يكون إلا مضمرا فيه ليس ولا يكون في الاستثناء إذا قلت: أتوني ليس زيدا ولا يكون بشراً.

وزعموا أن بعضهم قرأ " ولات حين مناصٍ " وهي قليلة كما قال بعضهم: من صد عن نيرانها فأنا ابن قيس لا براح فأعمل لا عمل ليس و لا تعمل مع ذلك إلا في نكرةٍ فجعلها بمنزلة ليس فهي بمنزلة لات في هذا الموضوع في الرفع ولا يجاوز بها الحين رفعت أو نصبت أي لا تكون لات إلا مع الحين.

قال الأخفش: لات لا تعمل شيئا في القياس لأنها ليست بفعل فإذا كان ما بعدها رفعا فهو على الابتداء ولم تعمل لات في شيء رفعت أو نصبت.

قال أبو إسحاق: من رفع لات حين يريد: و لات الحين حين مناص فيكون خبرا مبتدأ محذوف.

ويجوز أن يكون ابتداء والخبر محذوف بخط الوراق س.

يريد أنه يقدر بعد لا كأنه قال: لات الحين حين مناص ثم خزل الحين و الحين فيه مبتدأ و " حين مناص " خبره وإنما أظهر المنصوب لأنه يدل على الفعل.

وإذا نصبت لات نصبت بالظرف لأنها تعمل وزعم وهيب عن هارون عن عيسى هذا: كسر التاء والنون وسيبويه يرفع.

ومن ذلك ما ذكروه في باب كان وزعم أنه سمع رؤبة يقول: ما جاءت حاجتك فرفع.

ومثل قولهم: ما جاءت حاجتك إذا صارت تقع على مؤنث قراءة بعض القراء: " ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا " و: " يلتقطه بعض السيارة ".

قلت قوله: " ثم لم تكن فتنتهم " بنصب التاء والتأنيث " تكن " قراءة أبي عمرٍو وغيره من السبعة أنث " تكن " بأن قوله " أن قالوا " يؤول إلى معنى " الفتنة " وقوله: " تلتقطه بعض السيارة " قراءة الحسن فهو خارج عن السبعة.

فإما أن يكون لأن البعض من السيارة أو يكون اكتسى التأنيث عن المضاف إليه.

ومن ذلك ما ذكره في باب الأمر والنهي تقول: أما زيدٌ فسلم عليه وأما الكافر فلعنة الله عليه لأن هذا ارتفع بالابتداء.

وأما قوله: " الزانية والزاني فاجلدوا كل واحدٍ منهما " وقوله: " والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما " فلأن هذا لم يبن على الفعل ولكنه جاء على مثل قوله: " مثل الجنة التي وعد المتقون " ثم قال بعد: فيها كذا وكذا وإنما وضع المثل للحديث الذي بعده وذكر بعد أخبار وأحاديث وكأنه على قوله: ومن القصص أولا مثل الجنة أي مما يقص عليكم فهو محمول على هذا الإضمار أو نحوه.

والله أعلم.

وكذلك " الزانية والزانى " كأنه لما قال: " سورة أنزلناها وفرضناها " قال: في الفرائض الزانية والزاني ثم قال: " فاجلدوا كل واحدٍ " أو الزانية والزاني في الفرائض فجاء بالفعل بعد أن مضى فيهما الرفع كما قال: وقائلةٍ خولان فانكح فتاتهم فجاء بالفعل بعد أن مضى عمل فيه المضمر وكذلك: " والسارق والسارقة " كأنه على قوله: وفيما فرض عليكم السارق والسارقة أو السارق والسارقة فيما فرض عليكم وإنما جاءت هذه الأشياء بعد قصص وأحاديث وتحمل على نحو من هذا.

ومثل ذلك: " واللذان يأتيانها منكم فآذوهما " وقد يجري هذا في: زيد وعمرو وعلى هذا الحد إذا كنت تخبر بأشياء أو توصى ثم تقول: زيد أي زيد فيمن أوصى به فأحسن إليه وأكرمه.

وقد قرأ الناس " والسارق والسارقة " و " الزانية والزانى " وهو في العربية على ما ذكرت من القوة ولكن أبت القراءة إلا القراءة بالرفع.

قلت: الذي قرأ بالنصب في الآيتين هو عيسى ابن عمر الثقفي ونصب " الزانية " بمضمر دل عليه قوله " فاجلدوا " ونصب " السارق " بمضمر دل عليه ومن ذلك ما ذكر في باب إن: وأما ما حمل على الابتداء فقولك: إن زيدا ظريف وعمرو و: إن زيدا منطلق وسعيد فعمرو وسعيد يرتفعان على الوجهين فأحد الوجهين حسن والآخر ضعيف.

فأما الوجه الحسن فأن يكون محمولا على الابتداء لأن معنى: إن زيدا منطلق: زيد منطلق و إن دخلت توكيدا كأنه قال: زيد منطلق وعمرو.

وفي القرآن مثله: " أن الله بريء من المشركين ورسوله ".

وأما الوجه الضعيف فأن يكون محمولا على الاسم المضمر في المنطلق و الظريف فإذا أردت ذلك فأحسنه أن تقول: إن زيدا منطلق هو وعمرو و: إن زيدا ظريف هو وبشر وإن شئت جعلت الكلام على الأول فقلت: إن زيدا منطلق وعمرا ظريف فجعلته على قوله: " ولو أن ما في الأرض من شجرةٍ أقلام والبحر يمده من بعده سبعة ".

وقد رفعه قوم على قولك: لو ضربت عبد الله وزيد قائم ما ضرك.

أي: لو ضربت عبد الله وزيد في هذه الحال كأنه قال: ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر هذا أمره ما نفدت كلمات الله.

قلت: هذا مبنى على قراءة الحسن أي الحسن البصري أن أبا حاتم روى عنه: " إن الله بريء من المشركين " أي: بكسر إن فأما قراءة العامة فهو بفتح أن وهو مع الاسم وخبره في موضع خبر أذان على تقدير: وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر كائن بأن الله برئ من المشركين.

ونرى عثمان قد أقام القيامة في قوله: ولا أنا ممن يزدهيه وعيدكم فقال: إن و أن في هذا الباب عند سيبويه سيان.

وظن أن سيبويه بنى كلامه على قراءة العامة والأمر بخلاف ما ظن.

فأما قوله: " والبحر يمده " بالنصب فقراءة أبي عمرو وحده والرفع قراءة العامة على أن يكون الواو واو الحال.

ومن ذلك ما ذكره في آخر باب المضمرات قال: هذا باب لا تكون هو فيه وأخواتها فيه فصلا ولكن تكون بمنزلة اسم مبتدأ وذلك قولك: ما أظن أحداً هو خير منك وما أجعل رجلا هو أكرم منك وما إخال رجلا هو أكرم منك.

فلم يجعلوه فصلا وقبله نكرة كما أنه لا يكون وصفا ولا بدلا إلا لنكرة كما لا يكون وصفا ولا بدلا إلا لمعرفة.

وأما أهل المدينة فينزلون هو ها هنا بمنزلته بين المعرفتين ويجعلونها فصلا في هذا الموضع.

وزعم يونس أن أبا عمرو رآه لحنا وقال: احتبى ابن مروان في ذه في اللحن وذلك أنه كان يقرأ: " هؤلاء بناتي هن أطهر لكم ".

قال عثمان: جعل ابن مروان هن خبر المبتدأ " وأطهر " نصب على الحال.

وليس ما قال عثمان بشيء إذ ليس في قوله هن فائدة لم تستفد من المبتدأ.

ومن ذلك ما ذكره في باب أي في قوله تعالى: " ثم لننزعن من كل شيعة أيهم " وهي لغة للعرب جيدة نصبوها كما جروها حين قالوا: امرر على أيهم أفضل فأجراها هؤلاء مجرى الذي إذا قلت: اضرب الذي أفضل لأنك تنزل أي ومن بمنزلة الذي في غير الجزاء والاستفهام.

ومن ذلك ما ذكره في باب إن.

فإذا قلت: إن زيدا منطلق لم يكن في إن.

إلا الكسر لأنك لم تضطر إلى شيء ولذلك تقول: أشهد أنك ذاهب إذا لم تذكر اللام.

وهذا نظير هذا و هذه كلمة تتكلم بها العرب في حال اليمين وليس كل العرب تتكلم بها تقول: لهنك لرجل صدق.

يريدون: إن ولكنهم أبدلوها الهاء مكان الألف كقولك: هرقت.

ولحقت هذه اللام إن كما لحقت ما حين قلت: إن زيدا لما لينطلقن فلحقت إن اللام في اليمين كما لحقت ما فاللام الأولى.

في لهنك لام اليمين واللام الثانية لام إن.

كما أن اللام الثانية في قولك: إن زيدا لما ليفعلن لام اليمين.

قال أبو علي: يريد أن هذا بمنزلة قوله: " وإن كلاًّ لما ليوفينهم ".

يريد أن اللامين في: لهنك لرجل صدق.

بمنزلته في قولك: " وإن كلاًّ لما ليوفينهم " إذا عكس الحكاية لأن اللام الأولى في لهنك لام اليمين تقديره: والله لأنك.

واللام الثانية في " ليوفينهم " لام اليمين.

والأولى ل أن وإنما دخلت ما في قوله: " وإن كلاًّ لما ليوفينهم " ليفصل بين اللامين فلا يلتقيان فهي وإن كانت زائدة لهذا المعنى ولو سقطت لم تصلح أن تلى أن الناصبة للفعل.

وكأنها سهلت وقوع الاسم بعد أن الناصبة للفعل كما سهلت وقوع اللام في " ليوفينهم " بعد لام أن وقد تشابها من هذا الوجه وهذا الذي ذهب إليه سيبويه في لهنك لام القسم فيه بعض البعد ألا ترى أن اللام إذا كانت للقسم فهي التي للابتداء وقد دخلت على ان ولم يجتمعا في موضع فإذا حكم بما يجئ له نظير.

وكان الاستعمال على غيره ففيه بعض البعد.

فإن قال: إنه مما قد رد إلى الأصل ألا ترى أن الأصل في اللام أن تكون لاحقة قبل أن يدلك على ذلك قولك: علمت أن زيدا لمنطلق.

وتعليق الفعل عن ان قيل: هذا يمكن أن يقوله قائل وأحسب أن أبا إسحاق كان يقوله.

ويبعد هذا أن اللام في الخبر قد جاء قولهم: لهنك لرجل صدق وفي قولك: وإنا لهنك من تذكر عهدها لعلى شفا يأسٍ وإن لم تيأس فلو كان لام الابتداء لم يكن في الخبر.

ويبعد ذلك أيضا أن ان قد يلقى القسم كما تلقاه اللام فإذا كان كذلك فلا حاجة إلى اللام في ان وقد كنا نقول دهرا: إن البدل في الهمزة هنا لما غيرت الصورة كان كذلك كالفصل بينهما في نحو " إن في ذلك لآية " وفي هذا بعض العهد أيضا لأن البدل يجري مجرى المبدل منه ألا ترى أن الهمزة في حمراء التي هي بدل من الألف بمنزلة الألف وفي حكمها وأن أبا الحسن قد قال: في أصيلال: إنك لو سميت به رجلا لم تصرف.

فإذا كان مذهبهم في البدل هذا المذهب فلا فضل بين البدل والمبدل منه وإذا لم يكن فعل كان فتح لهنك كفتح لانك.

وذهب أبو زيد في قوله لهنك إلى أن المعنى لا أنه كأن المعنى: لله أنك فتحذف الجار كما يحذف في قوله: لاه ابن عمك.

وانك قد تلقى به القسم.

وحذفت الهمزة منه كما حذفت من قوله: ويلمها.

ويا بالمغيرة.

ونحو قوله: إن لم أقاتل فالبسوني برقعا وكما حذفت الألف حذفا في هذه المواضع كذلك حذفت في قوله لهنك والتقدير: لله أنك.

وقد استعملت اللام في القسم في نحو قوله: إذا أرادوا التعجب فكذلك اللام المرادة في لهنك الذي تقديره: لله أنك.

ويؤكد ذلك ما حكاه أبو زيد من قولهم: له ربي قوله ربي عطف على له أو بدل كما قال أبو الحسن: قولهم: لاها الله ذا إنه صفة فكذلك يكون في المواضع التي لم يوصف فيها الاسم.

هو اسم الله لا على ما قدره سيبويه من المعنى لأنك.

وأما الألف من له ربي فإنها قد حذفت كما حذفت من قول الشاعر: ألا لا بارك الله في سهيل فهذا المثال الذي سلكه أبو زيد أسهل في له ربي.

ومن ذلك ما ذكره في باب الجمع قال: وقد كسر على فعل وذلك قليل.

كما أن فعلة في باب فعل قليل وذلك نحو: أسد و أسد و وثن و وثن.

وبلغنا أنها قراءة.

قلت: يعني في قوله تعالى: " إن يدعون من دونه إلا إناثاً " اعلم أن في هذه اللفظة قراءات منها قراءة الناس: " إلا إناثا " وقرأ: إلا أثنا الثاء قبل النون النبي صلى الله عليه وعلى آله وعائشة وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وسعيد ابن المسيب وعبد الله بن حسين ومسلم بن جندب ومجاهد.

وقرأ " أنثا " النون قبل الثاء النبي صلى الله عليه وعلى آله إن كان ذلك صحيحا.

وروى عن عائشة وابن عمر وابن عباس بخلافٍ عنهم فقد رووا هذين الوجهين عن النبي ﷺ وعمن ذكرنا معه.

وروى عن عطاء: اثنا و أنثا ساكنة والثاء قبل النون.

وعن ابن عباس: أثنا و أنثا وكذلك مسلم بن جندب.

فهذه خمسة أوجه مع قراءة الناس.

والذي أراد سيبويه ألا أثنا الثاء قبل النون مثل أسد وأسد والهمزة فيها مثلها في: وجوه وأجوه.

والضمة والإسكان يرجعان إلى شيء واحد.

ومن ذلك ما قال في حد التصريف.

قال سيبويه: زعموا أن أبا عمرو قرأ: " يا صالح ائتنا " جعل الهمزة ياء ثم لم يقلبها واوا: لم يقولوا هذا في الحرف الذي ليس متصلا وهذه لغة ضعيفة لأن قياس هذا أن تقول: غلام وبيك.

ومن ذلك ما قاله في باب الإدغام: " وحدثني الخليل وهارون أن ناسا يقولون مردفين.

فمن قال هذا فإنه يريد: مرتدفين وإنما أتبعوا الضمة الضمة حيث حركوا وهي قراءة لأهل مكة كما قالوا: رديافتى فضموا لضمة الراء فهذه الراء أقرب.

ومن قال: هذا قال: مقتلين وهذا أقل اللغات.

ومن قال قتل قال: ردف.

ف قلت: روى أحمد بن عباد عن قنبل أيضا عن ابن كثير مردفين وهو الذي ذكر أنه قراءة أهل مكة.

ومن ذلك ما قاله أيضا في حد الإدغام: قال سيبويه: وقالوا: مصبر لما امتنعت الصاد أن تدخل في الطاء قلبوا الطاء صادا فقالوا: مصبر.

وحدثنا هارون: أن بعضهم قرأ: " فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا ".

قلت: إنما قرأ بها الجحدري.==
الثامن والثمانون مسألة قوله تعالى: " وإن يأتوكم أسارى تفادوهم "

وهذا نوع آخر من القراءات مسألة قوله تعالى: " وإن يأتوكم أسارى تفادوهم " أسارى على فعالى و أسرى على فعلى تفرد به حمزة ويميلها أسرى ويميلان: أبو عمرو والكسائي: " أسارى " فلا يقرآن أسرى بلا إمالة.

فأما قوله تعالى: " يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسارى ".

تفرد به أبو عمرو وأبو عمرو صاحب الإماله وليس في السبعة " أسارى " بلا إمالة فلا يقرآن بها في الصلاة فأما الباقون فيقرءون " من الأسرى " ويميلها حمزة والكسائي.

قوله: " إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خيرٌ لكم ويكفر ".

بالنون والجزم وبالنون والرفع وبالياء والرفع ثلاثهن في السبعة وليس في السبعة.

" يكفر بالياء والجزم بتة لأنه معطوف على قوله: " فإن الله يعلمه " فلا يجوز الياء مع الجزم.

سورة آل عمران: " وكفلها زكريا " بالتشديد ونصب الألف أبو بكر وتشديد الياء وقصر " زكريا " حمزة والكسائي وحفص وتخفيف الياء وضم الهمزة الباقون.

وليس في السبعة تخفيف الياء مع قصر الألف.

قوله: " إني أخلق لكم من الطين ".

بفتح الألف وإسكان الياء وأبو عمرو وابن كثير يفتحان الألف جميعا ونافع يكسر الألف ويفتح الياء وليس في السبعة كسر الألف مع إسكان الياء.

قوله: " أن يؤتى أحدٌ ".

حمزة والكسائي بالإمالة " أن يؤتى " بالمد والاستفهام ابن كثير.

وليس في السبعة آان يؤتى بالاستفهام والإمالة.

قوله: " ولا يأمركم " بالهمزة والرفع والنصب في الهمزة والاختلاس وترك الهمز تفرد به أبو عمرو.

" وسارعوا إلى مغفرة من ربكم " بالواو وغير الواو وترك الواو وقراءة نافع وابن عامر والباقون بالواو والكسائي يميل مع الواو.

مسألة " يغشى طائفة " بالياء.

وحمزة والكسائي " تغشى " بالتاء من غير إمالة ولا " يغشى " بالياء مع الإمالة.

مسألة " ولا تحسبن الذي قتلوا " بالتاء وكسر السين وفتحها هشام عن عمار بالياء وفتح السين وكسر السين مع الياء ليس بمروى.

" ولا يحسبن الذي كفروا أنما نملي " بالياء وفتح السين.

تفرد به حمزة وليست كسرة السين مع الياء في السبعة بتةً.

وكذا: " ولا تحسبن الذين يبخلون " وهو مثل الأول.

فأما قوله: " لا تحسبن الذين يفرحون " بالتاء فعاصم والكسائي.

إلا أن الكسائي يكسر السين وعاصما يفتح السين.

والباقون بالياء وكسر السين إلا ابن عامر فإنه بالياء وفتح السين.

وأما قوله تعالى: " فلا تحسبنهم بمفازة " ابن كثير وأبو عمرو بالياء وضمة الباء وضم الباء مع الياء واجب لم يقرأه أحد.

ولا يجوز فتح الياء مع الباء والباقون بالتاء وفتح الباء إلا أن ابن عامر وحمزة وعاصما والكسائي يفتحون السين ونافعا يكسر السين مع التاء في الثاني والياء مع الأول.

سورة النساء: " والذين عقدت أيمانكم " بالتخفيف كوفي والباقون بالألف عاقدت وليس في السبعة " عقدت " كما هو في سورة المائدة " بما عقدتم الأيمان " بتشديد القاف ابن كثير وأبو عمر ونافع وحفص.

أرى أنهم إنما شددوه في المائدة لما رأوه مجاورا للتاء المشددة المدغم فيها دال " عقدت " بخلاف ما في النساء الذي لم يدغمه أحد ففي النساء اثنان: " عقدت بالتخفيف و عاقدت بالألف وفي المائدة ثلاث بالتخفيف.

وهو مذهب الكوفي غير حفص وبالألف ابن عامر وحده وبالتشديد الباقون.

مسألة " لو تسوى بهم الأرض " بفتح التاء وتشديد السين نافع وابن عامر بفتحها والتخفيف.

حمزة مسألة " هل تستطيع " بالتاء " ربك " بنصب الباء.

سورة الأنعام: " لم تكن فتنتهم ".

نصب حمزة والكسائي بالياء ورفع " فتنتهم ".

ابن كثير وابن عامر وحفص بالتاء ونصب " فتنتهم " نافع وأبو عمرو وأبو بكر.

مسألة " وقد فصل لكم ما حرم عليكم ".

فيهما نافع وحفص بالضم.

فيهما ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو والباقون فصل بالفتح و حرم بالضم.

وليس في القسمة فصل بالضم و حرم بالفتح لأنه يؤدى إلى أن يكون محرما مخالفا لما قبله وما بعده والمطابقة والمشاكلة يكون ساقطا.

" وإن تكن ميتة " بالتاء ابن ذكوان وأبو بكر " ميتة " رفع ابن كثير وابن عامر.

وإن جعلتهما مسألة واحدة ففيها أربعة أوجه: قلت: بالياء والرفع ابن كثير.

وابن هشام بالتاء والرفع.

وابن ذكوان بالتاء ونصب أبو بكر والباقون بالتاء والنصب.

" إلا أن تكون " بالتاء ابن كثير وحمزة وابن ذكوان.

" ميتة رفع ابن عامر.

وإن جعلتهما مسألة واحدة ففيها أربعة أوجه: قلت: بالتاء والرفع ابن ذكوان بالياء والرفع هشام وحده بالتاء والنصب ابن كثير وحمزة الباقون بالتاء والتشديد.

وليس فيه التشديد مع التاء لا يفتح بالياء والتشديد لم يقرأه أحد.

مسألة " موهن كيد الكافرين " بالتنوين وسكون الواو ونصب " كيد " ابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر بتشديد الواو ونصب " كيد " حجازي وأبو عمرو وحفص يسكن الواو ويضيف إلى " كيد ".

وليس في السبعة تشديد الواو والإضافة لأنه لما اختار التشديد لم يضف لأنه أراد الإطناب والإسهاب وكان بالحرى ألا يشدد ولا يضيف.

مسألة في سورة هود: " مجراها ومرساها " بضم الميم فيهما وإمالة الراء في " مجراها " دون الميم من " مرساها " أبو عمرو وابن عامرٍ بفتح الميم والإمالة في الراء حمزة والكسائي وحفص.

زاد حمزة والكسائي إمالة " مرساها " دون حفص وليس في السبعة ترك الإمالة مع فتح الميم لأن حفصا مسألة " وليسألن يوم القيامة " بفتح اللام والنون جميعا مشددة النون ابن كثير وحده بفتحها وكسر النون كسرا غير مشبع وبالتشديد ابن عامر.

وقالوا بفتحها والتشديد ووصل التوت بياء في الوصل ورش وإسماعيل بسكونها وتخفيف النون ووصلها بياء في الوصل أبو عمرو وحده بسكونها والتخفيف من غير إشباع كسر النون عاصم وحمزة والكسائي.

وفيها وجه سادس خارج عن السبعة: يعقوب بسكون اللام وتخفيف النون ووصلها بالياء في الحالين.

مسألة قوله: " لعلك ترضى " بضم التاء الكسائي وأبو بكر إلا أن الكسائي يميلها والباقون بفتح التاء إلا أن أبا عمرٍو وحمزة يميلانها " ترضى " والآخرون لا يميلون.

مسألة " وترى الناس سكرى وما هم بسكرى ".

ممالان بفتح السين ولم يقرأ " سكارى " بفتح السين غير ممالٍ والباقون " سكارى ".

إلا أن أبا عمرٍو وابن عامرٍ يقرآن " سكارى ".

مسألة " ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير ".

نصب عاصم ونافع.

غير أن أبا بكر يترك الهمزة مع النصب الباقون بالجر غير أن أبا عمرو يترك الهمزة إذا أدرج وحمزة إذا وقف ترك الهمزتين.

مسألة " أذن " بضم الألف نافع وأبو عمرو وعاصم.

" يقاتلون " بفتح التاء نافع وابن عامر وحفص وإن جمعت بينهما ففيها أربعة أوجه: قلت: بضم الألف وكسر التاء أبو عمرو وأبو بكر بضمهما وفتح التاء نافع وحفص بفتحهما جميعا ابن عامر وحده والباقون بفتح الألف وكسر التاء.

مسألة " خراجا فخراج " بالألف فيهما حمزة والكسائي.

" فخرج ربك " بغير الألف ابن عامر وحده فيهما الباقون: " خرجا فخراج ".

وليس في السبعة: " خراجا فخرج ".

مسألة " كأنها كوكب دري ".

بالكسر مهموز ممدود الكسائي وأبو عمرو بالضم مهموز حمزة وأبو بكر والباقون بالضم بلا همز.

وليس في السبعة ترك الهمزة مع الكسر.

ورواه المفضل عن عاصم " يوقد " بالياء ابن عامرٍ ونافع وحفص والباقون بالتاء وفتح حروفها أجمع ابن كثير وأبو عمرو ولا خلاف في فتح القاف وليس في السبعة ضم الدال مع فتح سائر الحروف.

مسألة " واضمم إليك جناحك من الرهب ".

بفتحها ابن كثير ونافع وأبو عمرو وبفتحها وإسكان الهاء حفص وحده الباقون بضمها وإسكان الهاء وليس في السبعة ضمها.

مسألة " مودة " رفع غير منونة.

" بينكم " جر على الإضافة ابن كثير وأبو عمرو والكسائي بالنصب والإضافة حمزة وحفص الباقون بالنصب والتنوين ولا يجوز مع التنوين إلا النصب إذ ليس في السبعة.

مسألة " وما آتيتم من رباً " بالقصر ابن كثير ولم يختلفوا في قوله: " وما آتيتم من زكاةٍ ".

مسألة " الظنونا " و " الرسولا " و " السبيلا " بغير ألف فيهن في الحالين أبو عمرو وحمزة بألف في مسألة " نضعف " بالنون وكسر العين وتشديدها من غير ألف.

" العذاب " نصب ابن كثير وابن عامرٍ الباقون بالياء وفتح العين.

" العذاب " رفع على ما لم يسم فاعله وأبو عمرو بغير ألف.

مسألة " علام الغيوب " على فاعل ورفعها نافع وابن عامرٍ وليس فيه الرفع مع التشديد.

مسألة " فزع " بفتح الفاء والزاي جميعا ابن عامر الباقون بضم الفاء وكسر الزاي ولا خلاف في فتح العين.

مسألة " فانظر ماذا ترى " بفتح التاء والتفخيم إلا أبا عمرو فإنه يميل الراء حمزة والكسائي يضمان الفاء ويكسران كسرا مشبعا وليس في السبعة ضم التاء وإمالة الراء.

مسألة " أفغير الله تأمروني " مخففة النون نافع بنونين مخففتين ابن عامر وحده الباقون بنون واحدة مشددة وفتح ياءها ابن كثير ونافع وترك همزها أبو عمرو وورش.

فهذه خمس قراءات وليس فيها سكون الياء وتخفيف النون لأن نافعا يفتح التاء ويخفف النون.

مسألة " قليلا ما تتذكرون " بتاءين عاصم وحمزة والكسائي الباقون بالياء والتاء ولا يدغم الكوفي ولا يخفف كما فعل ذلك في سائر القرآن.

مسألة " فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم " بالياء المضمومة ممال.

" مساكنهم " رفع حمزة وافقه عاصم إلا في الإمالة بالتاء وإمالة " مساكنهم ".

نصب أبو عمرو وعلي الباقون غير ممال.

سورة الطور.

مسألة " ذرياتهم " بالألف فيهما أبو عمرو وابن عامرٍ أبو عمرو وحده بكسر التاء في الأولى واتفقا على كسرها في الثانية وتابعهما نافع على " ذرياتهم " الثانية الباقون بغير ألف فيهما وإن جمعت بينهما في مسألة واحدة ففيهما أربعة أوجه: " وأتبعناهم " بقطع الألف و " ذرياتهم " بالألف فيهما وكسر التاء أبو عمرو وحده " واتبعتهم " بالوصل والتاء.

" ذرياتهم " بالألف فيهما وكسر التاء معها الباقون بالوصل والتاء " ذريتهم " جميعا بغير ألف وافقوا نافعا وابن عامر على رفع التاء من الأولى وحدها وفارقوهما في الثانية فنصبوهما.

مسألة " أو من وراء جدارٍ ".

على واحدة غير ممال ابن كثير وافقه أبو عمرٍو ويميل.

مسالة " يوم القيامة يفصل بينكم ".

" يفصل " بفتح الياء عاصم الباقون بضمها وبفتح الياء ابن عامر وحمزة والكسائي ولم يشدد الصاد غيرهم الباقون بسكونها وبكسر الصاد عاصم وحمزة والكسائي الباقون بفتحها وإن شئت قلت: بكسر الصاد والتخفيف عاصم بكسرها والتشديد حمزة والكسائي بفتحها والتشديد ابن عامر وحده الباقون بفتحها والتخفيف ولم يفتح الياء عاصم ولم يفتح الفاء إلا من شدد.

سورة القلم.

" أن كان ذا مالٍ ".

" أن كان " مستفهم بهمزتين مخففتين حمزة وأبو بكر بهمزة واحدةٍ ممدودة ابن عامر الباقون بهمزة واحدة غير ممدودة على الخبر.

سورة الأحقاف.

مسألة " آذهبتم ".

بالاستفهام ابن كثير وابن عامر على أصولهما في الهمز وهشام يجيز فيها على الوجوه الثلاثة.

الإنسان مسألة " خضرٍ واستبرقٍ ".

جر أبو عمر وابن عامر ضده ابن كثير وأبو بكر كلاهما مرفوعان نافع وحفص كلاهما.

مجروران حمزة والكسائي.

وإن أفردت كل واحد منهما قلت خضر رفع.

وأبو عمرو وعامر وحفص.

" استبرق " رفع ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو==
التاسع والثمانون باب ما جاء في التنزيل من ألفاظ استعملت استعمال القسم وأجيبت بجواب

فمن ذلك قوله تعالى: " وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله ".

وقوله تعالى: " وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ".

وقوله: " ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ".

وقوله: " وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم ".

وقوله: " وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه ".

وقوله: " كتب على نفسه الرحمة ليجمعنكم ".

وقوله: " كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا ".

فيمن كسر إن دون من فتح.

وقوله: " كتب الله لأغلبن أنا ورسلي ".

وقوله: " وضل عنهم ما كانوا يدعون من قبل وظنوا ما لهم من محيص " في غير قول الأنباري وسهل.

وغير ذلك من الآي أجريت فيهن الجمل مجرى الجمل من المبتدأ والخبر في نحو قوله تعالى: " لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ".

أترى أن التقدير: قسمي أو: لعمرك ما أحلف به أو أقسم عليه كقول الشاعر: فقال فريق القوم لما نشدتهم نعم وفريقٌ ليمن الله ما ندرى أي: لا يمن الله قسمي.

وقالوا: على عهد الله لأقومن فاللام و إن وما و لا كلها أجوبة الأقسام التي هي " أخذنا ميثاقكم " و " عملوا " و " كتب على نفسه الرحمة " و " كتب الله لأغلبن " و " ظنوا " إذ معنى " ظنوا " أيقنوا وبلغ أمرهم باليقين كأنهم أقسموا ما لهم من محيص فهكذا: كتب الله على نفسه الرحمة وأوجب حتى بلغ الأمر إلى أنه أقسم: إنه من عمل فكسر.

ان إنما هو لمكان القسم لا كما ذهب إليه أحمد بن موسى وفارس الصناعة من أن قوله: " إنه من عمل " فيمن كسر تفسيرٌ للرحمة.

كما أن قوله: " لهم " تفسير للوعد في قوله: " وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات " فكما لا يجوز الوقف على قوله: لعمرك وعلى قوله: " ميثاق بني إسرائيل " وعلى قوله: " كتب الله " من قوله: " كتب الله لأغلبن " لمكان أجوبة القسم فكذا لا يجوز الوقف على قوله: " كتب على نفسه الرحمة " من دون قوله: " ليجمعنكم " فقوله: " كتب الله ".

أي: فرض الله القتال وأوجبه واقسم عليه لأغلبن فاللام جواب القسم كما إن في " لعمرك إنهم " و " لا " في قوله: " لا تعبدون إلا الله " و " لا تسفكون دماءكم ".

واللام في " لمن اشتراه " و ما من قوله: " ما لهم من محيص " جواب فليس قوله: " لأغلبن من قوله: " الله كقوله: " الإيمان " من قوله: " أولئك كتب في قلوبهم الإيمان " إنما قوله: " كتب " أضمر مفعوله أي: كتب الله القتال كقوله: " كتب عليكم القتال " و " كتب عليكم الصيام " و " كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية " فكيف ظننت أيها الظان أن قوله: " لأغلبن " مفعول " كتب " ومن أين لك أن تقول إن الجمل تكون فاعلات ومفعولات ولم لا تتم الصنعة حتى لا تتوالى عليك الفتوق.

قال أبو علي: الألفاظ التي جرت في كلامهم مجرى القسم حتى أجيبت بجوابه تستعمل على ضربين: أحدهما: أن تكون كسائر الأخبار التي يقسم فلا تجاب كما لا تجاب الأخبار.

والآخر: أن يجرى مجرى القسم فتجاب كما يجاب القسم.

فمما لم يجب بأجوبة القسم قوله تعالى: " وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين ".

ومنه قوله: " وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوةٍ ".

وقال: " فيحلفون له كما يحلفون لكم ".

فمما جاء من ذلك وفيه ذكر من الأول مما يجوز أن يكون حالا على ضربين: أحدهما: أن يكون حالا.

والآخر: أن يكون قسما.

وإنما جاز أن تحمله على الحال دون جواب القسم لأنه جاز أن يكون معرًّى من الجواب وإذا جعلت ما يجوز أن يكون حالا فقد عريتها من الجواب.

فمما يجوز أن يكون حالا: " وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا " فقوله: " ورفعنا " يجوز أن يكون حالا غير جواب قوله: " وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله ".

فهذا يكون حالا كأنه قال: أخذنا ميثاقهم موخذين وكذلك: " وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم " أي: غير سافكين فيكون حالا من المخاطبين المضاف إليهم وإنما جاز كونهما حالا بما ذكرنا ومن أجل هذا النحو قد يعرى من أن يجاب بجواب القسم ألا ترى أن قوله: " خذوا " في الآية ليس بجواب قسم ولا يجوز أن يكون جوابا له وكذلك من قرأ: " لا تعبدوا ": فجعل لا للنهي.

كما كان: " وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه " قسما.

وكذلك: " وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت ".

وكما أن " لتبيننه " لا يكون إلا جوابا للقسم يكون قوله: " لا تعبدون " و " لا تسفكون " يجوز أن يكون جوابا للقسم ويجوز أن يكون " لا تسفكون " ونحوه في: أن لا تسفكوا كأن تقديره: أخذنا ميثاقهم بأن لا تسفكوا ولا يكون ذلك جواب قسم كما كان فيمن قدره حالا غير جواب قسم إلا أنه لما حذف أن ارتفع الفعل.

واعلم أن ما يتصل بهذه الأشياء الجارية مجرى القسم.

في أنها أجيبت بما يجاب به القسم لا تخلو من أن تكون لمخاطب أو لمتكلم أو لغائب جاز أن يكون على لفظ المخاطب وإنما جاز كونه على لفظ المخاطب لأنك تحكى حال الخطاب وقت ما تخاطب به ألا ترى أنهم قد قرءوا: " قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم " على لفظ الغيبة وبالتاء على لفظ الخطاب على حكاية الحال حال الخطاب في وقت الخطاب فإذا كان هذا النحو جاز أن تجىء القراءة بالوجهين جميعا وجاز أن تجىء بأحدهما كما جاء قوله: " وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون " بالوجهين جميعا ويجوز في قياس العربية في قوله تعالى: " إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف " على الوجهين اللذين قرئ فيهما في " ستغلبون " و " تحشرون " فإن كان الكلام على الخطاب لم يجز فيما يكون في تقدير ما تتلقى به القسم إلا الخطاب كقوله: " وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم " فهذا لا يجوز أن يكون إلا على الخطاب لأن المأخوذ ميثاقهم مخاطبون ولأنك إن حكيت الحال التي تكون للخطاب فيها فيما يأتى لم يجز أن تجعل المخاطبين كالغيب كما جاز في الغيب الخطاب من حيث قدرت الحال التي يكون فيها الخطاب فيما يستقبل ألا ترى أنه لا يجوز أن تجعل المخاطبين غيباً فتقول: أخذنا ميثاقكم لا يسفكون لأنك إذا قدرت الحكاية كان التقدير: أخذنا ميثاقكم فقلنا لكم لا تسفكون كان بالتاء ولم يجز بالياء كما لا يجوز أن تقول للمخاطبين: هم يفعلون وأنت تخاطبهم وإن لم تقدر الحكاية فهو بالتاء مذهب إذا قرب في ذلك غير الخطاب فقوله تعالى: " وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله " لا يخلو قوله: " تعبدون " من أن يكون حالا أو يكون تلقى قسم أو يكون على لفظ الخبر والمعنى فيه معنى الأمر أو تقدر الجار في أن فتحذفه ثم تحذف أن.

فإن جعلته حالا جعلته على قول من قرأ بالياء فقال: لا يعبدون ليكون في الحال ذكر من ذي الحال.

فإن قلت: فإذا قرئ بالتاء فالمراد به هو: بنو إسرائيل والحال مثل الصفة وقد حملت الصفة في هذا النحو على المعنى.

فإن هذا قول والأول أبين.

وإن جعلته تلقى قسم فإن هذا اللفظ الذي هو " أخذنا ميثاق " مجاز ما يقع بعده على ثلاثة أضرب: أحدها: أن لا يتبع شيئا مما يجرى مجرى القسم كقوله: " وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين ".

والآخر أن يتلقى بما يتلقى به القسم نحو: " وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ".

والثالث: أن يكون أمراً.

نحو: " وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ".

ولم يجئ شيء من هذا النحو فيما علمنا تلقى بجواب القسم ووقع بعده أمر فإن جعلت " لا فإن قلت: لا أحمل الأمر على القسم ولكن أضمر القول كأنه قال: وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وقلنا لهم: " وأحسنوا بالوالدين إحسانا " فالقول: إن إضمار القول في هذا النحو لا يضيق " وقلنا " على هذا معطوف على " أخذنا " وأخذ الميثاق قول وكأنه: قلنا لهم: كذا وكذا.

وإن حملته على أن اللفظ في " لا تعبدون " لفظ خبر والمعنى معنى الأمر فإن ذلك تقوية ما زعموا أن في إحدى القراءتين " لا تعبدوا ".

ومثل ذلك قوله تعالى: " تؤمنون بالله ورسوله ".

يدلك على ذلك قوله: " يغفر لكم " وزعموا أن في بعض المصاحف " آمنوا " ويؤكد ذلك أنه قد عطف عليه بالأمر وهو قوله: " وبالوالدين إحساناً وأقيموا الصلاة ".

وإن حملته على أن المعنى: أخذنا ميثاقهم بأن لا يعبدوا فإن هذا قول إن حملته عليه كان فيه حذف بعد حذف.

وزعم سيبويه أن حذف إن من هذا النحو قليل.

المتم التسعين باب ما جاء في التنزيل من الأفعال ومن ذلك قوله تعالى: " وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله " فلفظة " الله " منصوبة ب " تعبدون " فرغ له.

وهكذا قوله: " وما يذكر إلا أولوا الألباب ".

وقال: " وما يعلم تأويله إلا الله ".

وقال: " والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله ".

وقال: " وما يتذكر إلا من ينيب ".

وقال: " إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه ".

فالأسماء بعد " إلا " في هذه الآي مرتفعة بفعلٍ قبل " إلا " عند النحاة عن آخرهم وتنازعهم الآية التي في سورة " والصافات " وهي: " وما منا إلا له مقام معلوم ".

ألا ترى أن التقدير: وما منا أحد إلا له مقام معلوم ف أحد مضمر يأتى عود الهاء إليه وكذا: " وإن منكم إلا واردها " أي: وإن منكم أحد.

وقال: " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به " أي: وإن من أهل الكتاب أحد.

وقال الشاعر: لو قلت ما في قومها لم تيتم يفضلها من أحدٍ وميسم أي: ما في قومها أحد إلا أنهم يقولون: لو صح الاعتبار ب أحدٍ مضمر لكان ما بعد إلا بدلا مما قبلها وهو أحد وإذا كان بدلا جاز فيه النصب كما لو أظهر أحد فإنه قد جاء " قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله ".

فما بعد إلا بدل من قوله: " من في السموات " ولا يجوز فيه النصب ف أحد لا يضمرونه قبل إلا ولا يحيزون بعد إلا الحمل فيه على ما قبل إلا.

وعند محمد بن الحسن: أحد مضمر في هذه الآي وبنى عليه مسائل فقال: عبدى حر إن كان في البيت إلا رجل.

فإذا كان في البيت رجل وامرأة أو رجل وصبي فإنه حانث لأن المستثنى منه غير مذكور فوجب إثباته على وفق المستثنى تحقيقا للمجانسة وذلك أن تجعل المستثنى منه أحدا فصار الشرط أن يكون فيه أحد غير رجل أو امرأةٍ والصبي أحد غير رجل إلا أن يكون نوى الرجال خاصة فلا يحنث حتى يكون فيه رجلان ولا يحنث بالصبي والمرأة ويصدق فيما بينه وبين الله فأما في القضاء فلا لأن الظاهر من كلامه أوجب تحقيق المجانسة فيما قصده الحالف وهو الكون والسكنى في الدار وبنو آدم كلهم جنس واحد لأنهم جميعا مقصودون ذلك فإذا نوى تخصيص الرجال كان ذلك خلاف الظاهر فيه تخفيف فلم يصدقه القاضي ويصدق فيما بينه وبين الله تعالى لأنه نوى المجانسة أيضا لكنه خلاف المعهود الظاهر. والله أعلم.

أي: ما في قومها أحد إلا أنهم يقولون: لو صح الاعتبار ب أحدٍ مضمر لكان ما بعد إلا بدلا مما قبلها وهو أحد وإذا كان بدلا جاز فيه النصب كما لو أظهر أحد فإنه قد جاء " قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله ".

فما بعد إلا بدل من قوله: " من في السموات " ولا يجوز فيه النصب ف أحد لا يضمرونه قبل إلا ولا يحيزون بعد إلا الحمل فيه على ما قبل إلا.

وعند محمد بن الحسن: أحد مضمر في هذه الآي وبنى عليه مسائل فقال: عبدى حر إن كان في البيت إلا رجل.

فإذا كان في البيت رجل وامرأة أو رجل وصبي فإنه حانث لأن المستثنى منه غير مذكور فوجب إثباته على وفق المستثنى تحقيقا للمجانسة وذلك أن تجعل المستثنى منه أحدا فصار الشرط أن يكون فيه أحد غير رجل أو امرأةٍ والصبي أحد غير رجل إلا أن يكون نوى الرجال خاصة فلا يحنث حتى يكون فيه رجلان ولا يحنث بالصبي والمرأة ويصدق فيما بينه وبين الله فأما في القضاء فلا لأن الظاهر من كلامه أوجب تحقيق المجانسة فيما قصده الحالف وهو الكون والسكنى في الدار وبنو آدم كلهم جنس واحد لأنهم جميعا مقصودون ذلك فإذا نوى تخصيص الرجال كان ذلك خلاف الظاهر فيه تخفيف فلم يصدقه القاضي ويصدق فيما بينه وبين الله تعالى لأنه نوى المجانسة أيضا لكنه خلاف المعهود الظاهر. والله أعلم.==
 ========

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق